الجمعة، 31 مارس 2023
جريمة النصب والاحتيال وفقا للقانون اليمني
امتناع المحكم عن إيداع حكم التحكيم
امتناع المحكم عن إيداع حكم التحكيم
إمتناع المحكم عن إيداع حكم التحكيم وأثره على دعوى البطلان)
إيداع النسخة الأصلية لحكم التحكيم أمام المحكمة المختصة أحد الواجبات الإجرائية المقررة بنص المادة (50) من قانون التحكيم التي قضت بأنه
[على لجنة التحكيم إيداع أصل الحكم والقرارات التي يصدرها في موضوع النزاع مع اتفاق التحكيم قلم كتاب المحكمة المختصة خلال الثلاثين يوماً...].
ومع أن الملزم قانوناً بالإيداع هو المحكم باعتباره مُصْدِر الحكم إلا أن المحكمين ليسوا على درجة واحدة من الالتزام بهذا الواجب الإجرائي فهناك العديد من المحكمين يرفضون إيداع النسخة الأصلية لحكم التحكيم على الرغم من إعلانهم رسمياً بالإيداع من محاكم الاستئناف ولأكثر من مرة، فكيف يتم التعامل مع امتناع المحكم عن الإيداع في الواقع العملي؟ وما هي الإجراءات المقررة قانوناً لمواجهة هذا الامتناع؟ وذلك ما أتشرف بعرضه ومناقشته في هذه الأسطر القليلة من جانبين:-
الجانب الأول/ الإجراءات المتعلقة في الواقع العملي:
فمن خلال مزاولة مهنة المحاماة تمكنت من رصد بعض الإجراءات التي تتبعها بعض محاكم الاستئناف لمواجهة حالات الامتناع عن إيداع النسخة الأصلية لحكم التحكيم حينما يكون ذلك الإجراء متزامناً مع دعوى بطلان الحكم مقدمة من المحكوم عليه بناءً على صورة الحكم التي سُلمت إليه من المحكم فور صدوره وقبل أن يتم إيداع نسخته الأصلية أمام محكمة الاستئناف.
وأبرز الإجراءات التي وقفت عليها ما يلي:-
1) الإجراءات المتبعة عند رفع دعوى البطلان وتقديم عريضتها أمام محكمة الاستئناف.
والفرضية هنا أن الطرف المحكوم عليه قد استلم صورة من حكم التحكيم قبل ان يقوم المحكم بإيداع النسخة الأصلية لدى محكمة الاستئناف، ففي هذه الحالة يحتسب الميعاد المقرر قانوناً لتقديم دعوى البطلان من تاريخ استلام صورة الحكم وتحاشياً لفوات المدة يبادر المحكوم عليه الى تقديم دعوى البطلان أمام المحكمة بموجب الصورة التي استلمها غير أن محكمة الاستئناف وبدلاً من استكمال إجراءات إيداع دعوى البطلان بالقيد والترسيم والإعلان وفقاً للقانون تقوم بمخاطبة المحكمة وإعلانه بإيداع النسخة الأصلية لحكم التحكيم وتوقف إجراءات تقديم الدعوى إلى حين إيداع النسخة الأصلية لحكم التحكيم ومتى قام المحكم بالإيداع قبل انقضاء ميعاد تقديم دعوى البطلان فلا توجد هناك أي إشكالية، إنما المشكلة الحقيقية في امتناع المحكم عن الإيداع أو قيامه بالإيداع بعد فوات ميعاد تقديم دعوى البطلان وفي هذه الحالة سيكون حق المدعي في تقديمها معرضاً لجزاء السقوط ولن تجد محكمة الاستئناف ما يبرر عدولها عن ايقاع هذا الجزاء باعتبار أن القانون وان كان قد أوجب على المحكم إيداع النسخة الأصلية لتحكيم إلا أنه لم يجعل الإيداع شرطاً مسبقاً لتقديم دعوى البطلان ولا أحد الإجراءات الموقفة لميعاد تقديمها وبالتالي ستكون الإجراءات المتخذة مخالفة لإرادة المشرع وتجاوزاً لحدود الإجراءات الشكلية التي رسمها القانون مقرونة بمواعيد محددة منه سلفاً بنصوص قانونية آمره لا يملك القاضي مخالفتها أو الاجتهاد بما يخالفها وإلا عُد ذلك تجاوزاً لحدود الولاية القضائية المقيدة ولايته بالقوانين النافذة ولزوم تطبيق أحكامها طبقاً للمبدأ المنصوص عليه بالمادة (8) من قانون المرافعات.
وبناءً عليه فليس للقاضي أن يحدد أشكالاً للأعمال الاجرائية او يعطي مواعيد أو يعدى منها الا إذا كان القانون قد أعطاه صراحة هذه السلطة ، فالأعمال الإجرائية في تصميمها وتنظيم سيرها وترتيب آثارها هي من خلق المشرع وحده وعمله هذا عمل استئثاري وانفرادي قاصر عليه ويستقل به دون أن يشرك معه غيره او يترك تحديد الإجراءات وسيرها لإرادة القاضي أو الخصوم.
أ,د/أيمن أحمد رمضان: الجزاء الإجرائي في قانون المرافعات، ط2005م صـ(145).
2) الإجراءات المتبعة أثناء نظر دعوى البطلان وعند الفصل فيها:-
والفرضية هنا أن دعوى البطلان قد رفعت أمام محكمة الاستئناف وتم استكمال اجراءات قيدها وسداد رسومها وكذا إعلانها للمدعى عليه وتم ذلك بموجب صورة من حكم التحكيم وقبل ان يودع للمحكمة النسخة الأصلية للحكم فتبقى هذه الإشكالية قائمة وتنعكس آثارها سلباً على دعوى البطلان وعلى نتيجة الحكم الفاصل فيها ويكفي الإشارة الى حكمين قضائيين صادرين من محكمتي استئناف مختلفتين فصلت كل منهما في دعوى البطلان المنظورة أمامها بحكمين مختلفين قضى منطوق الأول بعدم قبول دعوى البطلان شكلاً لعدم إيداع النسخة الأصلية لحكم التحكيم فيما قضى منطوق الحكم الاستئنافي الآخر برفض دعوى البطلان لعدم وجود المحل وهو أصل حكم التحكيم والإشارة إلى القضاء المقرر في الحكمين السابقين لبيان الاجتهادات القضائية في مسألة الإجراء المتعلق بالإيداع أما تقييم تلك الاجتهادات وبيان أوجه مخالفتها للقانون فلا يتسع المقام لعرضها جميعاً مع التأكيد على حقيقة أن الإيداع ما هو إلا واجب إجرائي مفروض قانوناً على عاتق المحكم فإن امتنع عن القيام بهذا الواجب القانوني لزم معاقبته هو بالجزاء المقرر قانوناً لا أن يؤاخذ غيره، فالقاعدة الشرعية تقضي بأن لا يؤخذ المرء بجريرة أخيه والتقرير بعدم قبول دعوى البطلان او رفضها يعتبر جزاء إجرائي تم ايقاعه في حق مدعي البطلان بسبب إخلال غيره وهو المحكم بواجب إيداع النسخة الأصلية لحكم التحكيم مع أن الجزاء الإجرائي ما شرع إلا لمعاقبة الشخص الذي ارتكب المخالفة أو المخل بواجب إجرائي مفروض عليه وفي هذا المعنى يقول الأستاذ الدكتور/ أحمد أبو الوفاء في كتابه: نظرية الدفوع في قانون المرافعات ط2007م صـ(75) بما لفظه حرفياً:
[من القواعد العامة في الجزاء: أن يتم إيقاع الجزاء على ذات الخصم الذي تسبب في المخالفة وهذه القاعدة يوجبها البداهة وتقتضيها العدالة لأن المفروض أن خصماً قد أخطأ فيما رسمه له المشرع من قواعد وأنه لهذا يوقع عليه الجزاء ].
ــــ وبذلك ـــ
فإن الاجتهادات القضائية المستخلصة من الواقع العملي في الإجراء المتعلق بإيداع حكم التحكيم تتعارض مع الأحكام والقواعد القانونية المنظمة للجزاء.
الجانب الثاني/ الإجراءات المقررة قانوناً لمواجهة امتناع المحكم عن القيام بواجب الإيداع:
لما كان الإيداع أحد الواجبات الإجرائية المفروضة قانوناً على عاتق المحكم وكان قانون التحكيم قد نص على وجوب إيداع نسخة حكم التحكيم والقي بهذا الواجب على عاتق المحكم بصريح نص المادة (50) من قانون التحكيم فإنه في المقابل لم يحدد الإجراءات المتبعة لمواجهة امتناع المحكم عن الإيداع ولا الآثار القانونية المترتبة على الامتناع ولئن كان السكوت عن تنظيم تلك المسائل وعدم التعرض لها عيباً تشريعياً في قانون التحكيم كما قد يتبادر إلى ذهن البعض فالاحتمال الأقرب للحقيقة أن قانون التحكيم لم يسكت عن تنظيم تلك المسائل إلا لوجود قواعد عامة منصوص عليها في قوانين أخرى مكتفياً بتطبيقها دون حاجة إلى إعادة تكرارها بنصوص قانونية تتناول ذات الإجراءات والآثار المقررة في تلك القواعد العامة وبإعمال تلك القواعد العامة وتطبيقه على واقعة امتناع المحكم عن إيداع النسخة الأصلية لحكم التحكيم تكون الإجراءات والحلول القانونية، والتي يتعين على محاكم الاستئناف اتباعها لمواجهة هذه الاشكالية محددة في نقطتين رئيسيتين :-
النقطة الأولى: عدم الاعتداد بالنسخة الأصلية لحكم التحكيم عند نظر دعوى البطلان:
فحينما يتقدم المحكوم عليه بدعوى بطلان حكم التحكيم بناءً على صورة الحكم التي استلمها فإن على محكمة الاستئناف مباشرة الاجراءات المقررة قانوناً لتقديم الدعوى وأن لا تجعل استكمال الإجراءات موقوفاً على الإجراءات المتعلقة بإيداع النسخة الأصلية لحكم التحكيم للإعتبارات القانونية التالية :
الإعتبار الأول/ التعامل مع صورة حكم التحكيم وفقاً لقاعدة الأصل الظاهر :
فالقانون لم يوجب على المحكم إيداع النسخة الأصلية لحكم التحكيم إلا أنه قد إكتفى قبل ذلك بإبلاغ وتسليم أطراف التحكيم صورة من الحكم وفقاً لما قررته المادة (48) من قانون التحكيم بصيغتها المعدلة بالقانون رقم (22) لسنة 1997م الجاري نصها بالآتي:
[... وعلى لجنة التحكيم أن تقوم بارسال صورة من الحكم موقعة من المحكمين الى أطراف التحكيم].
ولما كانت الكتابة شرطاً أساسياً لإثبات حكم التحكيم فإن الأصل خضوع صورة الحكم لذات المبادئ القانونية المقررة للإثبات بالكتابة وفي مقدمتها المبدأ القانوني الذي يقرر أن الأصل في صورة المحرر مطابقتها للنسخة الأصلية ما لم ينازع الخصم في ذلك وحينما تقدم صورة المحرر من أحد طرفي الخصومة فليس للقاضي أن يأمر – من تلقاء نفسه – بإحضار أصل المحرر للمطابقة إلا إذا نازع الخصم الآخر في هذه المسألة وتمسك بإحضار أصل المحرر لمطابقته على الصورة المقدمة من خصمه وذلك المبدأ مقرراً بالمادة (101) من قانون الإثبات الشرعي الجاري نصها بالآتي:
[...وتعتبر الصورة الرسمية مطابقة للأصل ما لم ينازع في ذلك أحد الطرفين وفي هذه الحالة تراجع الصورة على الأصل...].
وذلك المبدأ واجب التطبيق على حكم التحكيم باعتبار محرر كتابياً يخضع لذات الأحكام والقواعد المنظمة للأدلة الكتابية وحينما يعلن المحكوم عليه بصورة من حكم التحكيم ويبادر إلى استعمال حقه في دعوى البطلان برفعها أمام محكمة الاستئناف فان على هذه المحكمة استلام الدعوى وإستكمال إجراءات تقديمها وفقاً للقانون دون الاعتداد بما إذا كانت النسخة الأصلية لحكم التحكيم مودعه من قبل المحكمة أم لم تودع، فالإجراء المتعلق بالإيداع كواجب إجرائي ليس مقرراً على عاتق المدعي حتى يجبر مسبقاً على تقديم الأصل بل مفروضاً على عاتق شخص آخر هو المحكم.
كما أن القانون لم يوجب على المدعي تقديم النسخة الأصلية لحكم التحكيم كشرط للإدعاء ببطلانه وليس من العدالة ولا مقتضيات حسن سيرها أن نجعل حق المدعي في استعمال حق الدعوى موقوفاً على إرادة شخص آخر غير المدعي إذ يُعد ذلك التعليق أمراً محظوراً على المشرع وتقييداً لسلطته في سن التشريعات والقوانين وهو أمر محظور على المحاكم من باب أولى باعتبارها معنية بتطبيق القوانين ومقيدة بأحكامها وليس لها أن تجعل استعمال حق التقاضي مقيداً بإرادة شخص آخر.
الاعتبار الثاني: أن إمتناع المحكم عن الإيداع يعتبر عيباً في الإجراءات وسبباً لإبطال حكم التحكيم.
فالأصل المقرر قانوناً أن البطلان الذي يلحق بإجراءات التحكيم أحد الأسباب القانونية الموجبة لرفع دعوى بطلان أحكام التحكيم طبقاً لما نصت عليه المادة (53/ج) من قانون التحكيم.
ولما كان الإيداع المقرر بنص المادة (50) تحكيم أحد الإجراءات المتعلقة بصدور حكم التحكيم فإن القانون قد أعتبر الإيداع من إجراءات التحكيم بدليل أن قانون التحكيم بعد أن قرر واجب الإيداع في المادة (50) قد نص في المادة التي تليها على امتداد إجراءات التحكيم لتشمل الإجراءات المتعلقة بصدور الحكم حيث نصت المادة (51) من قانون التحكيم على أنه:
[تنتهي اجراءات التحكيم بعد صدور حكم التحكيم....].
وبالتالي فإن امتناع المحكم عن الإيداع يُعتبر عيب في إجراءات التحكيم يصلح الإستناد إليه كأحد الأسباب القانونية لدعوى البطلان وذلك ما يستوجب على محكمة الاستئناف إستكمال الإجراءات المقررة قانوناً لرفع دعوى البطلان ولها أن تقضي ببطلان حكم التحكيم لبطلان الإجراءات المتعلقة بعدم إيداع النسخة الأصلية لحكم التحكيم متى تم التمسك بهذا السبب من قبل مدعي البطلان ضمن أسباب دعواه، فذلك هو الجزاء المقرر قانوناً على عدم الإيداع والذي يفترض على محكمة الاستئناف التقيد به عند تحقق شروطه أما الإمتناع عن إستلام دعوى البطلان بحجة عدم إيداع النسخة الأصلية لحكم التحكيم فليس من القانون في شيء.
النقطة الثانية: إدخال المحكم أثناء السير في دعوى البطلان لتقديم محرر تحت يده:
فإمتناع المحكم عن إيداع النسخة الأصلية لحكم التحكيم ليس مبرراً لإعاقة دعوى البطلان وتعطيل الحق في إستعمالها إبتداءً بل يتعين على محكمة الاستئناف إتباع الإجراءات والقواعد المقررة قانوناً لإجبار الخصم أو الغير بتقديم محرر تحت يده بأن تأمر بإدخال المحكم أثناء السير في نظر دعوى البطلان لإلزامه بتقديم النسخة الأصلية لحكم التحكيم وفقاً لوسائل الإجبار المقررة في قانون الإثبات الشرعي وهي السلطة الممنوحة للمحكمة عامة ولمحكمة الاستئناف على وجه الخصوص بصريح نص المادة (119) من قانون الإثبات الشرعي التي تقضي بأنه:
[يجوز للمحكمة أثناء سير الدعوى ولو أمام محكمة الاستئناف أن تأذن في إدخال الغير لإلزامه بتقديم محرر تحت يده مع مراعاة الأحوال الأحكام والأوضاع المنصوص عليها في المواد السابقة].
وذلك ما يسري على المحكم في حال امتناعه عن إيداع النسخة الأصلية لحكم التحكيم إذ يتعين على محكمة الاستئناف إدخال المحكمة وإجباره على تقديم أصل الحكم وسلطتها في ذلك ليست مطلقة بل مقيده بما حدده القانوني سالفاً الذكر من شروط وضوابط قانونية أبرزها :-
1- أن يصدر الإذن بالإدخال أثناء نظر دعوى البطلان:
فمحكمة الاستئناف لا تملك مباشرة الإجراءات الجبرية لاستحضار النسخة الأصلية إبتداءً وبمجرد تقديم دعوى البطلان وإنما يتعين عليها مباشرة تلك الإجراءات أثناء نظرها لدعوى البطلان وعند السير في تحقيقها لأن القانون قيد سلطة المحكمة في مباشرة تلك الإجراءات بالتوقيت الزمني المعبر عنه في النص القانوني بلفظ ((أثناء سير الدعوى)) وذلك يقتضي وجود دعوى بطلان مرفوعة ومقدمة أمام محكمة الاستئناف بعد أن تم إستكمال إجراءات تقديمها وانعقاد الخصومة فيها باعلانها للمدعى عليه وبموعد الجلسة المحددة لنظر الدعوى وأثناء سير الدعوى تستطيع المحكمة مباشرة الإجراءات الجبرية لإستحضار أصل حكم التحكيم بإدخال المحكمة والزامه بذلك.
2- أن يكون الإذن بالإدخال مسبوقاً بطلب مقدم من الخصم صاحب المصلحة:
فالقانون لم يعتبر وجود النسخة الأصلية لحكم التحكيم شرطاً لقبول دعوى البطلان ولا من إجراءات رفع الدعوى وتقديمها أمام المحكمة كما أنه لم ينص على إدراج هذه المسألة ضمن المسائل المتعلقة بالنظام العام وبالتالي فإن إدخال المحكمة لإلزامه بتقديم أصل الحكم مقرراً لمصلحة الخصوم وليس للمصلحة العامة فلا تمتلك المحكمة إدخال المحكم في الخصومة والتصدي لهذه المسألة من تلقاء نفسها، فسلطة المحكمة مقصورة على الإذن بالإدخال متى كان الطرف المحكوم له قد تقدم أمامها بطلب الإدخال وليس أدل على ذلك من أن النص القانوني للمادة (119) سالفة الذكر قد أوجب على المحكمة عند الإذن بإدخال الغير لإلزامه بتقديم محرر تحت يده مراعاة الأحوال والأحكام والأوضاع المنصوص عليها في المواد التي تسبق نص المادة (119) من قانون الإثبات ومراعاة تلك النصوص القانونية يحتم على محكمة الاستئناف التعامل مع المحكم لإلزامه بتقديم أصل حكم التحكيم بذات الكيفية المقررة قانوناً لإلزام الخصم بتقديم محرر تحت يده وعلى وجه الخصوص ما يلي :
أولاً: أن يقدم الخصم التمسك بالحكم طلباً بإلزام المحكمة تقديم أصل الحكم وأن يكون الطلب مشمولاً بالبيانات التي أوجبها القانون صراحة بالمادتين (112، 113) من قانون الإثبات الشرعي فإن لم يقدم ذلك الطلب من حيث الأصل فلا تملك المحكمة التصدي بإدخال المحكم من تلقاء نفسها وان كان الطلب مقدماً من الخصم دون ان يتوافر فيه الشروط والضوابط المنصوص عليها بالمادتين سالفتي الذكر كان على المحكمة أن تقضي بعدم قبول الطلب طبقاً للجزاء المقرر بالمادة (114) من قانون الاثبات ونصها :
[لا يقبل الطلب إذا لم تراع فيه أحكام المادتين].
ثانياً: التعامل مع المحكم في حال ادخاله بذات الكيفية المقررة قانوناً لإلزام الخصم بتقديم محرر تحت يده.
فالإجراءات المقررة قانوناً لإلزام الخصم بتقديم محرر تحت يده بينتها المادة (117) من قانون الإثبات بصيغتها المعدلة بالقانون رقم (20) لسنة 1996م الجاري نصها بالآتي:
[إذا لم يقم الخصم بتقديم المحرر في الموعد الذي حددته المحكمة او امتنع عن حلف اليمين المذكورة اعتبرت صورة المحرر التي قدمها خصمه صحيحة مطابقة لأصلها فان لم يكن قد قدم صورة من المحرر فيحبس المدعى عليه حتى يسلم المستند أو يحلف اليمين].
ولما كانت تلك الإجراءات واجبة التطبيق على المحكم باعتباره من الإجراءات القانونية لحسم النزاع مع المحكم ومواجهة امتناعه عن الإيداع لا تخرج عن فرضين :
الفرض الأول: أن يمتنع المحكم عن الإيداع مع وجود صورة من حكم التحكيم مقدمة للمحكمة من أحد الخصوم وفي هذه الحالة تقرر المحكمة اعتبار صورة الحكم مطابقة لأصلها وتسير في دعوى البطلان على أساس ذلك.
الفرض الثاني: أن يكون امتناع المحكم عن تقديم أصل حكم التحكيم وعن حلف اليمين المطلوبة مقروناً بعدم وجود صورة من حكم التحكيم مقدمة للمحكمة من أحد الخصوم ففي هذه الحالة تأمر المحكمة بحبس المحكم حتى يسلم أصل الحكم أو يحلف اليمين الشرعية المقررة قانوناً.
ــــ وبذلك ـــ
تكون الوسيلة القانونية لمواجهة امتناع المحكم عن إيداع النسخة الأصلية لحكم التحكيم محددة بوسيلة إدخاله في خصومة دعوى البطلان لإلزامه بتقديم مستند تحت يده وفقاً لذات الإجراءات والقواعد المقررة لإلزام الخصم بتقديم مستند تحت يده المنصوص عليها في قانون الإثبات الشرعي.
والله من رواء القصد،،،
Permalink | 0 comments |
Labels: مسائل وأحكام في التحكيم
جريمة الاعتداء على ملك الغير وفقا للقانون اليمني
جريمة الاعتداء على ملك الغير وفقا للقانون اليمني
عنوان البحث ((جريمة الاعتداء على ملك الغير تعريف الاعتداء
الاعتداء على ملك الغير في القانون اليمني
Permalink | 1 comments |
Labels: مسائل وأحكام في العقوبات
الأربعاء، 29 مارس 2023
دعوى منع التعرض المادي وإزالة العدوان وفقا القانون اليمني
دعوى منع التعرض المادي وإزالة العدوان
دعوى منع التعرض المادي وإزالة العدوان وفق القانون اليمني
حالات المسائل المستعجلةفي القانون اليمني
Permalink | 0 comments |
Labels: مسائل وأحكام مدنية
الثلاثاء، 21 مارس 2023
دعوى نفقة الزوجة في القانون اليمني
دعوى نفقة الزوجة في القانون اليمني
دعوى نفقة الزوجية و ابطال المفروض وفقا للقانون اليمني
الاكراة الذي يبطل العمل القانوني
الإكراه الذي يبطل العمل القانوني
الإكراه الذي يبطل العمل القانوني
المقدمة: كرم الله الإنسان فخلقه حراً طليقاً وميزه عن سائر المخلوقات بالعقل الذي هو مناط التكليف وأداة للاختيار والرضاء، ومنه تتوقف صحة التراضي على صحة الإرادة التي هي جوهر العقد وأساس قوته الملزمة، نظراً لما تتمتع به من حرية الدخول في العلاقات التعاقدية، ونظرا لما لها من دور في إنشاء العقود وتحديد أثارها. والإرادة لا تنتج أي أثر قانوني إلا إذا كانت حرة وواعية, أحاطت بمضمون التصرف فاتجهت إليه بمحض الإرادة, وللأخيرة حالتين:
الحالة الأولى: هي التي يمكن أن تكون معدومة إذا ما صدرت ممن لا يملكها كالصبي غير المميز أو المجنون ... إلخ في هذه الحالة يكون العقد منعدما ومن ثم باطلا بطلانا مطلق. الحالة الثانية: إذا ما صدرت من كامل الأهلية لكنها شابها عيب من عيوب الرضا, كالإكراه والغلط والتدليس. في هذه الحالة يكون العقد باطلا بطلانا نسبيا, وعليه: فالإكراه : هو الضغط الذي أحدث رهبة في نفس المكره, دفعته إلى التعاقد. وهو ما عرفه القانون المدني اليمني, حيث نصت المادة (١٧٥) على: هو حمل القادر غيره على ما لا يرضها قولاً أو فعلاً, بحيث لو خُلّي ونفسه لما باشره، ويكون بالتهديد بإتلاف نفس أو عضو أو بعض عضو بإيذاء جسيم, أو بالتهديد بما يمس العرض أو الشرف أو بإتلاف. الظاهر من النص أنه جعل للإكراه معنى محدد, وهو إجبار المكرِه للمكَره على القول أو الفعل الذي لا يرضها، وهو ما يعني وجود التلازم بين الرضا والاختيار. كما حدد النص القانوني على أن الإكراه كما يقع على التصرفات القولية من بيع ونحو ذلك, فإنه يقع على الأفعال الحسية, كالتهديد بالقتل أو إتلاف الأعضاء. شروط الإكراه: نصت المادة (١٧٦) مدني يمني: لا يعتبر الإكراه إلا إذا كانت ظروف الحال تصور للطرف الذي يدعي الإكراه أن الخطر الجسيم الذي يهدده, محدق به أو بغيره ممن يهمه أمرهم كالزوجة وأصله وفرعه, حال قيامه بما أكره عليه، ويراعى في تقدير الإكراه جنس من وقع عليه وسنه وحالته الاجتماعية والصحية, وكل ظرف آخر من شأنه أن يؤثر في جسامة الإكراه ، وقد يقع الإكراه من المتعاقد معه أو من غيره. الشرط الأول: وجود الرهبة أو الخوف في نفس المتعاقد : وهو أن يستشعر المتعاقد أن الخطر الجسيم المحدق به أو بغيره ممن يهمه أمرهم كالزوجة أو أصله أو فرعه لابد واقع إن لم يقم بإبرام العقد سواء كان سبب هذه الرهبة ماديا كالتهديد بالإيذاء الجسدي، أو معنويا كالإيذاء بالسمعة أو الشرف أو الاعتبار. فالرهبة لا يشترط أن يكون الخطر قد حل بالمكره وإنما المعتبر هو وجود الرهبة فعلاً ووفقاً لظروف الحال التي أحاطت بالمكره. وعلى ذلك لو أبرم المكره العقد نتيجة قيام المكره بإشهار المسدس عليه, وفي اعتقاده أنه سيقتل حتماً أو يصاب بضرر جسيم إذا لم يبرم العقد، فإن حالة الإكراه تتحقق حتى ولو تبين فيما بعد أن المسدس خالٍ من الرصاص, لأن العبرة هي بوجود الرهبة الدافعة للتعاقد. الشرط الثاني: أن يكون الإكراه بغير حق : مثال: أن يهدد شخص آخر أنه إذا لم يقرضه مبلغ كذا فإنه سيخطف ابنه أو يشهر بأحد محارمه ممن يهمه أمرهم، فإذا ثبت هذا الإكراه وتم إبرام التصرف المطلوب أو القيام بعمل ما, فلا يعول عليه لانعدام الرضا والاختيار. ويطبق نفس المعنى على من يهدد مدينه بالحجز على أمواله إن لم يحرر له سنداً بأكثر مما في ذمته, لعدم مشروعية الغاية. الشرط الثالث: أن تكون الرهبة هي الدافعة إلى التعاقد: أي انه لولا الرهبة لما تم التعاقد، وهو كيف يمكن الوصول إلى هذه الحقيقة على ضوء نص المادة (١٧٨): ( ... ويراعى في تقدير الإكراه جنس من وقع عليه وسنه وحالته الاجتماعية والصحية وكل ظرف آخر من شأنه أن يؤثر في جسامة الإكراه). الواضح من هذا النص أنه يمكن الوصول إلى هذه الحقيقة عن طريق المعيار الشخصي أو الذاتي لمن وقع عليه الإكراه، ومدى اعتقاد الجازم بقدرة المكره على تنفيذ ما توعد به، وعدم قدرة المكره على التخلص من الإكراه، ولذلك يعتبر الإكراه في محل خال لا يلحقه الغوث، وبالسلاح أو في الليل من الظروف المؤكدة على صدق الرهبة, التي لولاها لما تحقق الإكراه. لا فتقدير حالة الإكراه المعدم للرضا والاختيار مرجعه على تقدير القاضي, وفقاً للظروف الملابسة التي أحاطت بالمكره, من حيث سنه وحالته الاجتماعية والصحية, ونحو ذلك من الظروف التي يدخلها القاضي في الاعتبار عند الجزم بأن الرهبة هي الدافع الوحيد للتعاقد. الشرط الرابع: أن تصدر الرهبة من أحد المتعاقدين أو من الغير : وينطوي تحت هذا الشرط ثلاث مسائل هي : 1- الإكراه الصادر من أحد المتعاقدين على الآخر: فلا خلاف في تأثيره على الرضا وتوافر قيام حالة الإكراه متى كانت الرهبة هي الدافعة للتعاقد, كما ذكرنا سابقاً. ٢- الإكراه الصادر من الغير: كما لو قام زيد بإكراه بكر على بيع منزله لإسماعيل ، وبعد أن زالت حالة الإكراه طلب بكر استرجاع منزله من إسماعيل, فما الحكم؟ الجواب في نص المادة(١٧٨) مدني يمني: أذا صدر الإكراه من غير المتعاقدين بدون علم المتعاقد الأخر، كان للمتعاقد الآخر أذا رجع عليه المكره لإرجاع ما اكره عليه أن يطالبه بتعويض ما غرمه وما اصابه من ضرر والمكره يرجع على من اكرهه) أي يجوز لبكر طلب إبطال العقد للإكراه, ويفرق من حيث الأثر بالنسبة لإسماعيل في حالة ما إذا كان يعلم، أو لا يعلم بالإكراه، فإن كان إسماعيل لا يعلم بحالة الإكراه الواقعة على بكر، فإن له أن يطالب بكراً بتعويض ما غرم, وما أصابه من ضرر نتيجة إبطال العقد وذلك تقديراً لحسن نيته, ثم يكون لمن وقع عليه الإكراه أن يرجع بتلك التعويضات والغرامات على من أكرهه. وأما أن كان إسماعيل يعلم بحالة الإكراه فليس له من بكر إلا استرجاع الثمن, أما ما أصابه من الغرامة والضرر نتيجة إبطال العقد فليس له أن يرجع على بكر، وإنما له أن يطالب بذلك زيداً لأنه المكره لبكر على إبرام التصرف منه. ٣- الأمر الغالب الدافع إلى التعاقد : لا محل لمثل هذا الخلاف في القانون المدني اليمني, حيث أثبتت المادة (١٧٦) على أن حاله الإكراه تتحقق سواء وقعت من أحد المتعاقدين ام من الغير، لوجوب سلامة الرضا من العيوب حال التعاقد. أثر الإكراه: نصت المادة(١٧٧) مدني يمني على أثر الإكراه بالنسبة للتصرفات المالية عند تحقق شروطه بقولها: لا يصح العقد الصادر من شخص مكره عليه، ويجب على من وقع منه الإكراه إرجاع ما كان الإكراه عليه. أي أن العقد المبرم تحت تأثير الإكراه لا يعيب الرضا فحسب وإنما يعدمه، والقانون المدني اليمني يأخذ بوحدة التلازم بين الرضا والاختيار, لذلك يجب على من وقع منه الإكراه إرجاع ما كان الإكراه عليه, لانعدام الإرادة حال التعاقد, وهو ما عليه جمهور الفقه الإسلامي. عبء اثبات الإكراه: إثبات الإكراه وفقاً للقاعدة العامة التي تقضي بان الأصل هو أن سلامة الإرادة يكون على من يدعي وقوع إكراه افسد أرادته أن يثبت وجوده وتوافر شروطه, فعليه أن يثبت أن هناك وسيلة ضغط غير مشروعة استعملت ضده, وان هذه الوسيلة ضغط غير مشروعه لإرهابه, وأنها هي التي دفعته إلى التعاقد. واثبات الإكراه هو إثبات لوقائع مادية, فإن هذا الإثبات جائز بجميع الطرق. وتقدير ما إذا كان الإكراه مؤثراً أو غير مؤثراً، وما إذا كانت الرهبة الناشئة منه هي الدافعة إلى التعاقد أم لا, مسألة واقعية تدخل في سلطة قاضي الموضوع, دون رقابة عليه من محكمة النقض. المراجع: ١-د.محمد بن حسين الشامي، النظرية العامة للالتزامات في القانون المدني اليمني، الجزء الأول مصادر الالتزام ، ص ١٩٠. ٢-د.الشامي، مرجع سابق، ص ١٩٠-١٩٤. ٣-المذكرة الإيضاحية للقانون المدني اليمني : الكتاب الثاني. ص ٧٤. ٤-د.الشامي، مرجع سابق، ص ١٩٤، ١٩٥. ٥-د. فتح الله الغشار، احكام وقواعد الإثبات في الفقه الإسلامي وقانون الاثبات
Permalink | 0 comments |
بطلان القسمة في اثناء حياة المورث في القانون اليمني
بطلان القسمة في اثناء حياة المورث في القانون اليمني
القسمة في القانون اليمني
أ.د/ عبد المؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء
القسمة في اثناء حياة المورث تثير جدلاً واسعاً في اليمن من حيث مدى جوازها ولزومها، ويرجع سبب ذلك إلى أن قانون الأحوال الشخصية لم يكن موفقاً في تنظيمه لهذا الموضوع الشائك والمتداخل مع غيره، وقد سبق لنا نشر بحث بحكم في مجلة (جيل) اللبنانية للأبحاث المعمقة في هذا الموضوع تناولنا فيه هذا الموضوع تفصيلاً ، ولأهمية هذا الموضوع وكثرة الاحتياج له فان هناك بعض جوانب هذا الموضوع تحتاج إلى ايضاح ، ولذلك اخترنا التعليق على الحكم الصادر عن الدائرة الشخصية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 26/4/2010م في الطعن الشخصي رقم (38123) لسنة 1430هـ وتتلخص وقائع الدعوى التي تناولها هذا الحكم انه : تقدمت ثلاث اخوات بدعواهن ضد اخوهن الذكر الوحيد وذلك أمام المحكمة الابتدائية حيث طلبن في دعواهن بقسمة تركة والدهن ،وقد دفع المدعى عليه شقيقهن بعدم سماع الدعوى لسبق القسمة في حياة المورث والدهن فقد تمت تلك القسمة بنظر وبخط القسام ...، فردن المدعيات على ذلك الدفع بأن تلك القسمة باطلة لأنها تمت في حياة المورث والدهن، وسارت المحكمة في إجراءات نظر القضية حتى خلصت الى الحكم برفض الدفع بعدم قبول الدعوى والحكم بقبول الدعوى المرفوعة من المدعية وبطلان القسمة الواقعة في اثناء حياة المورث وإعادة قسمة التركة وإلزام المدعى عليه بدفع مصاريف التقاضي، وقد ورد في أسباب الحكم الابتدائي (أنه تبين من خلال الاطلاع على الفصول التي تمت القسمة بموجبها انها لم تكن بشكل قانوني أو شرعي بل كانت بشكل عشوائي حسب هوى المورث وارادته في تفضيل ولده الذكر .... على اخواته الاناث المدعيات كما هو ثابت من خلال شهادة القسام نفسه) فلم يقبل الأخ بالحكم الابتدائي فقام باستئنافه وقد ذكر المستأنف في عريضة استئنافه أن المدعيات قد حضرن عملية القسمة اثناء حياة المورث وان تلك القسمة تم تعميدها من قبل رئيس المحكمة الابتدائية المختصة، الا ان محكمة الاستئناف قضت بتعديل الحكم الابتدائي بحيث تعاد قسمة ثلثي التركة على جميع الورثة أما الثلث فيكون للولد المستأنف مقابل الغرامات التي دفعها في سبيل المحافظة على اموال التركة واصلاحها، فلم يقبلن الاخوات المدعيات بالحكم الاستئنافي فقمن بالطعن فيه بالنقض، فقبلت الدائرة الشخصية الطعن وقد ورد ضمن أسباب حكم المحكمة العليا (فقد وجدت الدائرة أن الحكم بإعادة القسمة الشرعية موافق للشرع والقانون عدا ما قضت به الشعبة بتجنيب الثلث من التركة الأمر الذي يتعين معه نقض الحكم في هذه الجزئية لان القسمة وقعت في اثناء حياة المورث ولم يتعقبها اجازة الورثة بعد وفاة مورثهم) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم على النحو الاتي:
الوجه الأول : موقف الفقهاء من قسمة الشخص لماله في اثناء حياته :
اختلف الفقهاء في هذه المسألة على أربعة أقوال، القول الأول : يذهب إلى عدم جواز هذه القسمة لأن الارث فرائض افترضها الله سبحانه وتعالى وقررها فهو الذي حدد وقتها بعد موت المورث فالقسمة في اثناء حياة الشخص مخالفة للوقت الذي حدده المشرع تبارك وتعالى، اما القول الثاني : فقد ذهب الى جواز ذلك شريطة أن تتم القسمة كقسمة الميراث تماماً ، في حين ذهب القول الثالث : الى جواز هذه القسمة على ان يتم ذلك على سبيل العطية والهبة وليس على أساس الارث فتتم المساواة بين الاولاد ذكوراً واناثاً في هذه القسمة باعتبار ذلك عطية يتساوى فيها الاولاد ذكورا واناثا، وقد ذهب القول الرابع : الى كراهة هذه القسمة جمعاً بين ادلة الحظر وادلة الاباحة ونحن نرجح القول الثالث لمناسبته في العصر الحاضر وللدوافع التي تدفع الاشخاص الى تقسيم اموالهم في اثناء حياتهم بين الورثة المحتملين.
الوجه الثاني : موقف القانون اليمني من قسمة الشخص لماله اثناء حياته :
مع ان القانون المدني نظم قسمة الأموال بين الورثة والشركاء على الشيوع في المواد من (1197) الى (1223) إلى أن هذه النصوص لم تتناول هذا الموضوع، اما قانون الاحوال الشخصية فقد تضمنت بعض نصوصه اشارات الى قسمة الشخص لماله اثناء حياته، وقد خلط فيها القانون بين أحكام الميراث والعطية والهبة والوصية، فقد نصت (183) أحوال شخصية على أنه(تجب المساواة في الهبة والمشتبهات بها بين الاولاد وبين الورثة بحسب الفريضة الشرعية) والهبة ومشتبهاتها تقع في اثناء حياة المورث وفقاً للمادة (168) أحوال شخصية، وعند امعان النظر في المادة (183) السابق ذكر نصها نجد أنها قد اجازت قسمة المال في اثناء حياة المورث شريطة ان يتم ذلك طبقاً لأحكام الميراث وبهذا يكون القانون قد اخذ بقول العلماء الذين ذهبوا الى جواز قسمة الشخص لماله في اثناء حياته وفقاً لأحكام الميراث، ومع ان القانون قد ذهب الى جواز القسمة في اثناء حياة المورث الا انه قرر في المادة (186) ان القسمة في هذه الحالة يكون حكمها حكم الوصية فلا تكون القسمة نافذة الا بعد وفاة الشخص حيث نصت المادة (186) على أن (الهبة للوارث ووارثه في حياته تأخذ حكم الوصية الا فيما استهلكه الموهوب له في حياة الواهب حقيقة أو حكماً) وبالإضافة الى ذلك فقد قرر قانون الاحوال الشخصية الا ان هذه القسمة باعتبار هبة ووصية لوارث فإنها لا تكون نافذة الا اذا اجازها بقية الورثة بعد وفاة مورثهم وليس في اثناء حياته حسبما ورد في المادة (234).
الوجه الثالث : موقف الحكم محل تعليقنا من قسمة الشخص لماله بين ورثته في اثناء حياته :
من خلال مطالعة الحكم محل تعليقنا نجد انه قد قضى ببطلان القسمة في اثناء حياة المورث وذلك في القضية التي فصل فيها ، وقضاؤه سديد لان القسمة لم تتم بحسب الفرائض الشرعية كما انها لم تكن بالتساوي بين الورثة بحسب الفرائض الشرعية حيث خصص الوالد غالب ماله لابنه الوحيد وهضم البنات المدعيات إضافة إلى ان الورثة لم يجيزوا هذه القسمة بعد وفاة والدهم بل انهم تنازعوا حتى قمن البنات برفع دعوى بطلان تلك القسمة كما ان الولد الوحيد لم يستهلك حقيقة أو حكماً المال الذي آل اليه بموجب تلك القسمة حيث ظل ذلك المال تحت يد الولد الذكر حتى بعد وفاة والدهم وحتى وقت رفع البنات لدعواهن فقد ظل هذا المال موجودا لدى الولد فلم يستهلك ذلك المال حقيقة أو حكماً في اثناء حياة المورث، وبناء على ذلك فان قضاء الحكم محل تعليقنا سديد موافق لنصوص قانون الاحوال الشخصية مع تحفظنا على خلط القانون للمفاهيم فيما بين القسمة والهبة والعطية والوصية على النحو السابق بيانه،والله اعلم.
الجمعة، 17 مارس 2023
اركان الحكم في القانون اليمني
اركان الحكم في القانون اليمني
أركان الحكم وشروط صحته - "الحكم الباطل والحكم المعدوم" =========================أما شروط الصحة اللازمة للحكم:
Permalink | 0 comments |
Labels: مسائل وأحكام في المرافعات
الاثنين، 13 مارس 2023
الأحكام الجنائية في القانون اليمني
الأحكام الجنائية في القانون اليمني
الأحكام الجنائية يجب أن تبنى بالجزم واليقين ولاتؤسس بالظن والاحتمال
قررت هذا المبدأ الدوائر الجنائية فى الطعن رقم 7533 / 79 بتاريخ 7-4-2011 وذلك تأسيسا على الأتي :
"
الأحكام الجنائية في القانون اليمني
لما كانت الأحكام الجنائية يجب أن تبنى بالجزم واليقين على الواقع الذي يثبته الدليل المعتبر ولا تؤسس بالظن والاحتمال على الفروض والاعتبارات المجردة، لما كان ذلك وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه قد استدل في إدانة الطاعنين بأقوال شاهدي الإثبات والتي خلت مما يفيد إسناد ارتكاب الواقعة إليهما أو مشاهدتهما يرتكبان الفعل المادي لجريمة القتل المسندة إليهما وما أوراه تقرير الصفة التشريحية . ولما كانت أقوال الشاهدين كما حصلها الحكم قد خلت مما يفيد رؤيتهما أياً من الطاعنين يرتكب الفعل المادي لجريمة القتل المسندة إليهما ، وكان الحكم لم يورد أية شواهد أو قرائن تؤدى بطريق اللزوم إلى ثبوت مقارفة الطاعنين لواقعة التعدي التي أودت بحياة المجني عليه ولا يغنى في ذلك استناد الحكم إلى أقوال ضابط المباحث بالتحقيقات فيما تضمنته تحرياته من أن الطاعنين وآخرين تعدوا على المجني عليه بعد اتفاقهم على قتله بتحريض من المتهم السادس لوجود خصومة ثأرية ، ذلك بأن القاضي في المواد الجنائية إنما يستند في ثبوت الحقائق القانونية إلى الدليل الذي يقتنع به وحده ولا يصح أن يؤسس حكمه على رأى غيره ، وأنه وإن كان الأصل أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على التحريات باعتبارها معززه لما ساقته من أدلة ما دامت أنها كانت مطروحة على بساط البحث إلا أنها لا تصلح وحدها لأن تكون قرينة معينة أو دليلاً أساسياً على ثبوت الجريمة ، ولما كانت المحكمة قد جعلت أساس اقتناعها بارتكاب الطاعنين لجريمة القتل رأى محرر محضر التحريات فإن حكمها يكون قد بني على عقيدة حصلها الشاهد من تحريه لا على عقيدة استقلت المحكمة بتحصيلها بنفسها ، فإن الحكم يكون قد تعيب بالفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب بما يبطله ، ولا يعصم الحكم من هذا البطلان أن يكون قد عول في الإدانة على ما ورد بتقرير الصفة التشريحية ، لما هو مقرر من أن التقارير الطبية في ذاتها لا تنهض دليلاً على نسبة الاتهام إلى المتهم ، وإذ كانت تصح كدليل يؤيد أقوال الشهود ، ومن ثم فإن استناد الحكم إلى التقرير ذاك لا يغير من حقيقة كونه اعتمد بصفه أساسيه على التحريات وحدها وهى لا تصلح دليلاً منفرداً في هذا الشأن ، مما يعيب الحكم بما يوجب نقضه ".
الكاتب القانوني عادل الكردسي
Permalink | 0 comments |
الخميس، 9 مارس 2023
القضاء المستعجل حالاته وشروطه
القضاء المستعجل حالاته وشروطه
شروط اختصاص القاضي المستعجل