حيازة الخليط لمالك الارض
أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء
لا يحق للحائز المخالط لمالك الأرض في الأرض ان يتمسك بالحيازة والثبوت في
مواجهة المالكين الآخرين للأرض، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية
بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 20-5-2008م في الطعن رقم (29231)،
وقد ورد ضمن أسباب هذا الحكم: ((اما قول الطاعن أنه حائز الأرض موضع النزاع فإن
محكمة الموضوع قد بينت وناقشت احتجاج الطاعن وردت عليه بالنص القانوني (ان
حيازة جزء من الأرض الشائعة لا تترتب عليه الآثار الشرعية لحيازة الملك طبقاً
للمادة (1104) مدني، وبناءً على ذلك فإن الطعن بالنقض غير مقبول موضوعاً))،
وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:
الوجه الأول: حكم حيازة الخليط للمالك في القانون المدني:
أستند الحكم محل تعليقنا إلى المادة (1104) مدني التي حددت شروط حيازة الملك
ومنها شرط: ان لا يكون الحائز مخالطاً للمالك، فقد نصت هذه المادة على أنه:
(يشترط في حيازة الملك "الثبوت" ما يأتي: -4- عدم الخفاء بان لا تحصل الحيازة
خفية اي ان لا يكون فيها لبس كان يكون الحائز خليطا للمالك او ممثلا شرعيا له
بالولاية او الوصاية او الوكالة او يكون مخولا حيازة الشيء حيازة انتفاع او نحو
ذلك)، ومن خلال إستقراء هذا النص يظهر أنه قد صرح بأن الخليط للمالك لا يحق له
التمسك بحيازة الثبوت والملك في مواجهة المالك المخالط له في المال الواقع تحت
حيازته بمفرده.
الوجه الثاني: من هو الحائز الخليط للمالك؟:
الخليط للمالك الممنوع من التمسك بالحيازة في مواجهة المالك المخالط له في
المال: هو كل من يضع يده على المال المملوك له ولغيره على الشيوع فيظهر عليه
بمظهر المالك ويتصرف فيه تصرف المالك كأن يقوم بزراعة الأرض الشائعة أو الحفر
فيها أو حولها أو بناء سور عليها أو إقامة بناء عليها أو تأجيرها للغير أو جني
ثمارها والتصرف فيها أو إصلاح المال المخلوط الشائع، فمعنى الخليط عام يشمل كل
مخالط للمالك بصرف النظر عن سبب الخلطة فقد يكون هذا السبب الشراكة فيما بين
الحائز وبين المالك، وقد يكون السبب الوراثة أي أن الحائز يكون وارثا على
الشيوع للمال مع غيره من الورثة ولكنه منفرد في حيازة كل المال الشائع أو
المخلوط دون غيره من الورثة، كما قد يكون سبب الخلطة الهبة أو النذر من المالك
للحائز مع غيره، ومعنى الخليط في المادة (1104) مدني السابق ذكرها لا يقتصر على
المخالطة في ملكية المال، لأن الممثل للمالك أو الوكيل أو الاجير أو المنصب عن
المالك لا يحق لهم أيضا التمسك بالحيازة في مواجهة المالك حسبما ورد في
المادة(1104 ) مدني
الوجه الثالث: نطاق الخلطة في المال:
قضى الحكم محل تعليقنا بأن نطاق الخلطة عام أي أنه لا يجوز للحائز ان يتمسك في
مواجهة المالك المخالط له مهما كانت نسبة الخلطة في المال، سواء أكانت نسبة
ملكية الحائز للمال المخلوط هي الغالبة أو كانت نسبة المالك هي الغالبة، وسواء أكانت حيازة الحائز شاملة لكل المال الخليط أو قاصرة على بعض المال الشائع ،
ففي كل أحوال الخلطة يمتنع على المخالط التمسك بالحيازة في مواجهة المالك
الشائع حسبما قضى الحكم محل تعليقنا.
الوجه الرابع: صفة المخالطة بين الحائز والمالك:
من خلال مطالعة نص المادة (1104) مدني يظهر ان المقصود بالخلطة عام ينصرف إلى
المخالطة في ملكية المال أو المخالطة في الإنتفاع بالمال حسبما هو ظاهر في النص
السابق، وحسبما قضى الحكم محل تعليقنا، فلا يجوز لمن له حق الإنتفاع بالأرض
الشائعة ان يتمسك بحيازته للأرض في مواجهة الآخرين ممن له حق الإنتفاع.، والله
أعلم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق