احياء الأرض الموات الخاصة
احياء الأرض الموات الخاصة
أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء
قضى الحكم محل تعليقنا بأن الأرض الموات الخاصة تظل على ملكية اصحابها، فلا يجوز لغيرهم الاحياء أو التحجر فيها حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 6-3-2017م في الطعن رقم (58810)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((وحيث ثبت لدى الشعبة الاستئنافية صحة المحرر المؤرخ..... وشموله للمنطقة المتنازع عليها، وحيث ثبت لها ملكية مؤرث المطعون ضده لتلك المنطقة كاملة بموجب ذلك المحرر، ولما كان المقرر شرعاً وقانوناً ان الأرض الموات المملوكة ملكية خاصة مستثناة من الأرض التي يجوز إحياؤها أو التحجر عليها كما هو الحال في هذه القضية وفقاً لأحكام المادة (1242) مدني، لذلك فان ما قضى به الحكم المطعون فيه في بنود المنطوق المشار إليها كان سديداً))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:
الوجه الأول: ماهية الأرض الموات العامة:
عرف القانون المدني الأرض الموات العامة المملوكة ملكية عامة عرفها في المادة (1242) التي نصت على أن الأرض الموات : (هي التي لم يملكها أحد ولا تحجرها أحد ولا تعلق بها حق عام أو خاص طبقاً لما هو منصوص عليه في هذا القانون وقانون المراهق والمرافق العامة والخاصة)، في حين ان قانون أراضي وعقارات الدولة لم يعرف الأرض الموات، إلا أنه يفهم مما ورد في المادتين (2 و6) من قانون أراضي وعقارات الدولة أن الأرض الموات: هي المراهق العامة وهي الجبال والاكام والمنحدرات والسوائل العظمى والشواطئ والجزر غير المأهولة بالسكان والاحراش والغابات التي لم يتعلق بها ملك لأحد حسبما ورد في المادة (6) من قانون الأراضي، ومن خلال ما ورد في النصوص القانونية السابق ذكرها يظهر أن الأراضي الموات هي: الأراضي غير المزروعة أو غير المبني عليها التي لا يمتلكها أحد من المواطنين بموجب وثائق شرعية.
الوجه الثاني: ماهية الأرض الموات الخاصة:
اشار الحكم محل تعليقنا إلى مصطلح الأرض الموات الخاصة، وقد اشارت إليها المادة (1242) مدني التي نصت على أن الأرض الموات المملوكة ملكية عامة هي تلك التي لم يتعلق بها حق لأحد، وكذا اشارت إلى الأرض الموات الخاصة المادة (6) من قانون الأراضي التي نصت على أن: المراهق العامة هي المنحدرات والجبال والاكام والأراضي الرملية وغيرها التي لم يتعلق بها ملك لأحد، وبناءً على ذلك فان الأرض الموات التي يتعلق بها ملك لأحد المواطنين لا تكون من المراهق العامة أو الأراضي الموات المملوكة ملكية عامة وإنما تكون مملوكة للشخص الذي يثبت ملكيته لها بموجب محررات شرعية صحيحة ، ومن خلال ما ورد في النصوص القانونية المشار إليها يظهر أن مقصود الحكم بالأرض الموات الخاصة هي الأملاك الخاصة في المنحدرات والاحراش والأراضي الرملية الثابتة ملكيتها للمواطنين بموجب وثائق شرعية، ولذلك لاحظنا أن الحكم محل تعليقنا قضى بأن الأرض الموات محل النزاع مملوكة للمطعون ضده بموجب مستند الملكية الذي ابرزه المطعون ضده أمام المحكمة الذي اثبت فيه ان الأرض محل النزاع اشتراها مؤرثه حسبما هو ثابت في المحرر الذي ابرزه. الوجه الثالث: إثبات الملكية الخاصة للأراضي الموات الخاصة:
إثبات الملكية العقارية بصفة عامة لا يتم إلا عن طريق الكتابة (بصائر، حجج، وقفيات، وصايا...إلخ)، فإثبات الملكية الخاصة للأراضي والعقارات لايتم الا عن طريق المحررات الكتابية، ويسري هذا الأمر على إثبات ملكية الأرض الموات الخاصة مثلما قضى الحكم محل تعليقنا الذي استند في قضائه إلى المحرر الذي قدمه المطعون ضده الذي تضمن أن الأرض محل النزاع قد اشتراها مؤرث المطعون ضده منذ أكثر من ثمانين عاماً، وقد تضمن المحرر المشار إليه اسم تلك الأرض وحدودها ومساحتها ومسمياتها واسم البائع والمشتري وثمن الأرض مما يدل على ان المحرر صحيح ينطبق تماماً على الأرض محل النزاع،وانها كانت في الأصل مملوكة للبائع لمورث المطعون ضده ، إضافة إلى أنه قد ثبت صحة المحرر الذي استدل به المطعون ضده، وأنه قد تم تحريره من قبل الشخص الذي كان يحرر وثائق الملكية في ذلك العصر.
الوجه الرابع: تعلق الملكية الخاصة بالأرض الموات وتعلق الحق بالأرض الموات:
نصت المادة (1242) مدني على أنه اذا تعلق الحق الخاص بالأرض الموات فأنه يخرجها من الملكية العامة إلى الملكية الخاصة، ومفهوم (الحق الخاص) المذكور في المادة (1242) مدني ينصرف إلى الحقوق الأخرى غير حق الملكية كحق الإنتفاع بالأرض الموات، ولذلك فان هذا المفهوم يقلص من الملكية العامة للأرض الموات، ولكن المادة (1242) مدني استدركت هذا الخلل التشريعي حينما احالت الأمر إلى قانون أراضي وعقارات الدولة (المراهق العامة والمرافق..) الذي نصت المادة (6) منه على أن: الأراضي الموات تكون مملوكة ملكية عامة إلا إذا تعلق بها (حق ملكية) لأحد المواطنين، حيث قصر هذا النص الحق الخاص الذي يخرج الأرض الموات من الملكية العامة إلى الملكية الخاصة قصرها على حق الملكية فقط دون الحقوق الأخرى، والله اعلم.اسباب الملكية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق