الجمعة، 7 يوليو 2023

جريمة انتهاك حرمة المسكن والإضرار بالمال

جريمة  انتهاك  حرمة  المسكن  والإضرار  بالمال

جريمة انتهاك حرمة المسكن والإضرار بالمال وفقا لأحكام قانون الجرائم والعقوبات اليمني رقم 12لسنة1994م 

دراسة مؤجزة عن المادتين (253 و 321) عقوبات بشأن جريمة  انتهاك  حرمة  المسكن  والإضرار  بالمال.
أ.د. عبدالمؤمن شجاع الدين 
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء
▂▂▂▂▂▂▂

◐مقدمة : 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وعلى اله الطيبين الطاهرين اما بعد: 
فهذه دراسة مؤجزة عن أحكام المادتين (253 و 321) عقوبات تم إعدادها بناءً على طلب دائرة التدريب في مكتب النائب العام لغرض تقديمها في الورشة المزمع تنظيمها للمعنيين بالنيابة العامة، وتشتمل هذه الدراسة على المباحث الاتية: 
المبحث الأول: المقارنة بين إنتهاك حرمة المسكن في القانون اليمني والمصري وفقا للمادة253عقوبات يمني . 
المبحث الثاني: جريمة الاضرار بالمال وفقا للمادة (321) مع مقارنتها بنظيرتها في القانون المصري. 
المبحث الثالث: الهدف من تجريم الاضرار بالمال. 
المبحث الرابع: حكمة الحماية الجزائية للحيازة وصور الحماية. 
المبحث الخامس: عناصر  الحيازة  القانونية  وشروطها. 
المبحث السادس: السجل العيني وعلاقته بجريمتي إنتهاك حرمة المسكن . 
المبحث السابع:  البسط  وجريمتا  إنتهاك حرمة المسكن والإضرار بالمال. 
المبحث الثامن:  إثبات  الحيازة. 
المبحث التاسع: موقف القانون اليمني والفقه الإسلامي من الحيازة. 
نتائج الدراسة وتوصياتها.

المبحث الأول
المقارنة  بين  جريمتي  انتهاك  حرمة  المسكن  في  القانون اليمني  والمصري

أولاً: نص  التجريم  لانتهاك  حرمة  المسكن  في  القانون اليمني: 
تنص المادة (253) عقوبات على ان (يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بالغرامة من دخل مسكناً مسكوناً أو معدا للسكن او أحد ملحقاته أو أي محل معدًا لحفظ المال أو عقارًا خلافا لإرادة صاحب الشأن وفي غير الأحوال المبينة في القانون وكذلك من بقى فيه خلافاً لإرادة من له الحق في إخراجه وتكون العقوبة السجن مدة لا تزيد على خمس سنوات أو الغرامة اذا وقعت الجريمة ليلاً أو بواسطة العنف على الأشخاص أو الاشياء أو بإستعمال سلاح أو من شخصين فأكثر أو من موظف عام أو من ينتحل صفته). 


ثانياً: نص التجريم لإنتهاك حرمة المسكن في القانون المصري: 
نصت المادة (370) عقوبات على ان (كل من دخل بيتاً مسكوناً أو معدا للسكن أو في احد ملحقاته او سفينة مسكونة أو في محل معد لحفظ المال وكانت هذه الاشياء في حيازة آخر قاصداً من ذلك منع حيازته بالقوة أو ارتكاب جريمة فيها أو كان قد دخلها بوجه قانوني وبقى فيها بقصد إرتكاب شيء مما ذكر يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين أو بغرامة لا تتجاوز ثلاثمائة جنيه مصري) وفي السياق ذاته تنص المادة (371) عقوبات على أنه (كل من وجد في إحدى المحلات المنصوص عليها في المادة السابقة متخفياً عن أعين من لهم الحق في إخراجه يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر) وكذا تنص المادة (372) على انه (إذا ارتكبت الجرائم السابقة ليلاً تكون العقوبة الحبس مدة لا تتجاوز سنتين).

ثالثاً: مقارنة بين النصين اليمني والمصري بشان جريمة إنتهاك حرمة المسكن: 
نظراً لضيق الوقت فسوف نذكر بعض نتائج المقارنة وليس جميعها لان الفروق ظاهرة للقارئ الفطن، ونشير إلى بعض الفروق كما يأتي: 
القانون المصري جمع النصوص المجرمة لفعلي إنتهاك حرمة المسكن وحرمة والإضرار بالمال في باب واحد وسردها على التوالي حتى تكون جميعا في موضع واحد تحت بصر القاضي فتتم مراعاة احكامها عند تطبيق النصوص نظرا  للعلاقة الوثيقة بين جريمتي إنتهاك حرمة المسكن وجريمة الإضرار بالمال وحتى تتم مراعاة الفروق بين الجريمتين.
النصوص المصرية تفرق بوضوح بين جريمتي إنتهاك حرمة المسكن والإضرار بالمال على إعتبار ان جريمة انتهاك حرمة المسكن هي تلك التي تقع على مسكن وملحقاته أو بناء معد للسكن وليس أرض فضاء وهي وحدها التي تستهدف العقوبة فيها حماية الحيازة بخلاف العقوبة في جريمة الاضرار بالمال التي تستهدف حماية المال ذاته من الإتلاف ، في حين ان النص اليمني قد اضاف كلمة (او عقاراً) في جريمة انتهاك حرمة المسكن وهذه الإضافة قد ساهمت في وجود خلط عند فيما بين جريمتي إنتهاك حرمة المسكن وجريمة الإضرار بالمال. 

صياغة النص اليمني معيبة جداً من حيث انه ذكر العقوبة أولا  فقدمها على الجريمة خلافاً لمفهوم العقوبة التي هي من اسمها تأتي بعد إرتكاب  الجريمة كرد فعل المجتمع والدولة على إرتكاب الجاني الجريمة، فاسم العقوبة مستفاد من كلمة (عقب) أي انها تأتي بعد إرتكاب الجريمة مباشرة، اما النص المصري فصياغته   موافقة لقواعد الصياغة التشريعية. 
تضمن النص المصري القصد الخاص وهو منع الحيازة بالقوة او ارتكاب جريمة في المسكن او ما في حكمه وهنا يظهر بجلاء ووضوح الهدف من التجريم والعقاب في جريمة إنتهاك حرمة المسكن وهو حماية الحيازة الظاهرة لأن المسكن ومافي حكمه عبارة عن منشئات مادية قائمة تدل على الحيازة الظاهرة للعيان، في حين اكتفى النص اليمني بالقصد العام ولم يشر إلى حماية الحيازة فغاب القصد الخاص عن النص وغاب معه الغرض أو الهدف من التجريم والعقاب وهو حماية الحيازة الظاهرة ،وقد كان هذا الأمر سببا اخرا للخلط والالتباس بين جريمتي إنتهاك حرمة المسكن والإضرار بالمال .

الحد الاعلى لعقوبة السجن في النص اليمني اكثر من المصري كما ان الغرامة في القانون المصري محددة قيمتها وجنسها اما النص اليمني فلم يذكر مقدارها ولا جنسها ولاحرج في ذلك. 
رابعاً: الهدف من تجريم انتهاك حرمة المسكن:
من خلال مطالعة النص اليمني نجد ان الهدف من تجريمه لانتهاك حرمة مسكن هو حماية حق الإنسان في الخصوصية وحماية الأموال الموجودة في الابنية والمساكن فلم يشر النص إلى حماية الحيازة الظاهرة، اما في القانون المصري فالهدف من التجريم  ظاهر في النص ذاته وهو حماية حيازة المسكن ومافي حكمه حسبما ورد في النص بالإضافة إلى حماية الخصوصية وحماية الأموال الموجودة في المسكن أو الأبنية المعدة لذلك. 

المبحث الثاني
عرض المادة (321) بشان الاضرار بالمال مع مقارنتها بنظيرتها في القانون المصري

أولا:نص التجريم في القانون اليمني:

تحت عنوان (الإعتداء  على  حرمة  ملك  الغير  – الإضرار بالمال وفقا لأحكام قانون الجرائم والعقوبات اليمني رقم 12لسنة 1994م )
 نصت المادة (321) عقوبات  على ان (يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بالغرامة من هدم أو خرب أو اعدم أو اتلف عقاراً او منقولاً او بناءا  غير مملوك له او جعله غير صالح للإستعمال أو اضربه او عطله بأية كيفية وتكون العقوبة الحبس مدة لا تتجاوز خمس سنوات اذا اقترفت الجريمة بالقوة او التهديد أو ارتكبها عدد من الأشخاص أو في وقت هياج أو فتنة أو كارثة أو نشاء عنها تعطيل مرفق عام أو أعمال مصلحة ذات منفعة عامة او ترتب عليها جعل حياة الناس أو امنهم او صحتهم عرضة للخطر واذا ترتب على الجريمة موت شخص تكون العقوبة الإعدام حداً ولا يخل ذلك بحق ولي الدم في الدية أو الأرش بحسب الأحوال).
ثانيا:نص التجريم في القانون المصري:
 تناظر المادة321 يمني في القانون المصري المادتان (372 و 373) عقوبات حيث تنص المادة (372) مكرر على ان (كل من تعدى على أرض زراعية أو أرض فضاء أو مبان مملوكة للدولة أو لأحد الأشخاص الاعتبارية العامة أو لوقف خيري أو لإحدى وحدات القطاع العام أو لأية جهة أخرى ينص القانون على اعتبار اموالها من الأموال العامة وذلك بزراعتها او غرسها أو إقامة انشاءات عليها أو شغلها أو الإنتفاع بها بأية صورة يعاقب بالحبس وبغرامة لا تتجاوز الفين من الجنيهات او بإحدى هاتين العقوبتين ويحكم على الجاني برد العقار المغتصب بما يكون عليه من مباني أو غراس مع إزالة ما عليه من تلك الاشياء على نفقته فضلاً عن دفع قيمة ما عاد من منفعة، فإذا وقعت الجريمة بالتحايل او نتيجة تقديم إقرارات أو الادلاء ببيانات غير صحيحة مع العلم بذلك تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على خمس سنين وغرامة لا تقل عن الف جنية ولا تزيد على خمسة الأف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين السابقتين في حالة العود) وفي السياق ذاته تنص المادة (373) على ان (كل من دخل ارضاً زراعية او فضاء أو مباني او بيتاً مسكوناً او معد للسكن أو في احد ملحقاته أو سفينة مسكونة او محل معد لحفظ المال ولم يخرج منه بناءً على تكليفه ممن لهم الحق في ذلك يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز ستة اشهر او بغرامة لا تتجاوز مائتي جنية). 

ثالثا:مقارنة بين النص اليمني وما يقابله من القانون المصري: 
من خلال استقراء نص المادة (321) يمني والنصوص المصرية كلها السابق ذكرها تظهر فيما يتعلق بموضوع هذه الدراسة الموجزة تظهر النتائج الأتية: 
النصوص المصرية تحمي الحيازة الظاهرة في جريمة انتهاك المسكن فقط كما انها تفرق بين الغصب والحيازة فتحمي الحائز ولكنها لا تحمي الغاصب بل انها تشدد عليه العقوبة اما موقف النص اليمني فيظهر انه هلامي غير واضح، فمثلاً القانون المصري يفرق بين الإعتداء على الحيازة في جريمة انتهاك حرمة المسكن على النحو السابق بيانه حينما ذكر القصد الخاص وهو الإعتداء على الحيازة في حين انه لم يذكر ذلك في النصوص المناظرة للمادة321 يمني حسبما هو ظاهر في المادة (373) مصري السابق ذكرها. 
صرحت النصوص المصرية السابق ذكرها بانه  يحكم على المعتدي على الأرض الفضاء برد العين مع المنشاءات التي اقامها...الخ ولا وجود لمثل هذا النص في النص اليمني. 
لا يتضمن النص اليمني اهم صورة من صور الإضرار بالمال التي تحدث في الواقع العملي وهي الحفر والبناء في الارض المعتدى عليها حيث يظهر من النص اليمني كما لو انه يتناول المنقولات وليس العقارات، فهو يذكر الهدم والاتلاف ... فلم يذكر الحفر وإقامة المعتدي للمنشأت على الأرض المعتدى عليها.

من استعراض جميع النصوص المصرية بشان انتهاك حرمة المسكن والإضرار بالمال  أو العقار الفضاء يظهر ان القانون المصري يقصر الحماية الجزائية للحيازة على العقارات المسكونة أو المعدة للسكن وليس الأرض الفضاء أو الأراضي غير المبنية. 
صياغة النصوص المصرية اكثر تفصيلاً ووضوحا مما ورد في النصين اليمنيين المجملين وهما المادتان (253 و 321) يمني، ويبدو ان السمة العامة للتشريعات اليمنية هو الإغراق في العمومية والتجريد التي توجد الخلافات بشأن فهم النصوص بين الباحثين والقضاة والمهتمين. 

المبحث الثالث
الهدف من تجريم الإضرار بالمال

من خلال الإطلاع على نص المادة321 يمني بشان جريمة الإضرار بالمال ونصوص القانون المصري المناظرة لها يظهر من خلال مطالعة المادة 321 أن اسم هذه الجريمة هو (الإضرار بالمال) وانها وردت ضمن الفصل الرابع بعنوان(الإعتداء على ملك الغير) فنص المادة 321 يهدف الى حماية الملكية وليس الحيازة ،وهذا ظاهر أيضا  من خلال مضمون النص الذي لم يشر مجرد إشارة إلى حماية الحيازة، اما بالنسبة للنصوص المصرية فانها تتناول الاغتصاب لملك الغير  بالقوة او بوسائل احتيالية وغيرها، وقد سبق القول بان  حماية الحيازة في القانون المصري قاصرة على جريمة انتهاك حرمة المسكن فقط، وقد تناول الفقه الجنائي المصري حماية الحيازة بمناسبة شرحه لجريمة انتهاك حرمة المسكن، ولذلك  فالتفرقة في القانون المصري ظاهرة بين جريمة إنتهاك حرمة المسكن والإضرار بالمال ،ولاشك أن لهذه التفرقة ثمرة وهي ان إنتهاك حرمة المسكن ومافي حكمه اكثر خطورة واجدر بالحماية من جريمة الإضرار بالمال أو دخول الأرض  الأرض الفضاء،ولذلك فان الحماية الجزائية للحيازة في جريمة إنتهاك حرمة المسكن والنص الصريح عليها تميز القانون المصري عن نظيره اليمني في هذه المسألة علما أن مصر تعتمد السجل العيني العقاري الذي يحد من النزاعات العقارية، بخلاف الحال في اليمن التي لاتطبق السجل العيني العقاري  حيث تعاني من كثرة المنازعات العقارية وشيوع العصابات التي تمتهن البسط والاعتداء على اراضي الغير. 

المبحث الرابع
حكمة الحماية الجزائية للحيازة وصور الحماية للحيازة

تعود على المجتمع والفرد  منافع كثيرة من حماية الحيازة كما للحائز مصلحة في ذلك، فمصلحة المجتمع تتمثل في حماية الاوضاع الظاهرة او الحيازة الظاهرة القانونية ،لان إباحة العدوان عليها يفتح باب الصراع بين الافراد مما يؤدي إلى إستخدام العنف وتهديد السلم والأمن الإجتماعي، إضافة إلى ان الحيازة قرينة تدل  على ملكية الحائز كما ان القانون يعترف بان الحيازة مصدر من مصادر إكتساب الملكية. 
اما صور الحماية فهناك حماية وقتية تباشرها النيابة في مصر ولا وجود لذلك في اليمن فقد اناطت المادة (44) مصري بالنيابة العامة اصدار قرارات وقتية متى عرضت عليها منازعات جنائية على الحيازة مثل تمكين المجني عليه من الحيازة او تسليمه المال المتنازع عليه او اخذ تعهد منه ...الخ إلا ان الفقه الجنائي في مصر يعارض ذلك بقوة ويحصر الحماية الوقتية المنصوص عليها في المادة (44) على المنقول اما الحماية الوقتية للعقار المعتدى عليه فيكون من إختصاص محكمة الموضوع، وهناك أيضاً الحماية القضائية الموضوعية للحيازة عن طريق القاضي الذي يباشرها بمناسبة دعوى الحيازة المرفوعة امامه و هناك حماية ادارية للحيازة تباشرها سلطة الضبط القضائي مثل القيام الشرطة . 

المبحث الخامس
 عناصر الحيازة القانونية وشروطها

نظم القانون المدني اليمني عناصر الحيازة وشروطها ،ومن خلال ذلك يظهر ان عنصرا الحيازة هما العنصر المادي والعنصر المعنوي، فالعنصر المادي هو سيطرة الحائز  المادية على المال حيث يتصرف فيه تصرف المالك او صاحب الحق، وبعبارة أخرى العنصر المادي هو المباشرة الفعلية للسلطات التي يمنحها الحق على الشيء كالاستئثار بالمال واستعمال الحائز له وإستغلاله والتغيير فيه وفقاً لطبيعة الشيء كالزراعة او البناء ...الخ، اما العنصر المعنوي للحيازة فيظهر في نية الحائز عند إستعماله للمال الذي بحوزته حيث يظهر في إستعماله بمظهر المالك او صاحب الحق العيني حيث يقوم بالأعمال المتعلقة بالمال الذي يحوزه لحسابه وبصفته المالك فلا يتحقق العنصر المعنوي إذا كان يحوز المال بصفته مستأجراً او مستعيراً او حارساً...الخ.
اما شروط الحيازة القانونية التي يحميها القانون فهي :ان تكون الحيازة شرعية بمعنى ان يكون وضع الحائز ليده على المال شرعياً فلا يكون سارقاً او غاصباً  للمال ويشترط ان تكون الحيازة مستمرة خلال المدة المكسبة للحق (30) سنة وفقاً للمادة 1118من القانون المدني اليمني، كما ينبغي ان تكون الحيازة ظاهرة وعلنية،ولمعرفة احكام الحيازة اهميته عند تطبيق الحماية الجزائية للحيازة. 

المبحث السادس
السجل  العيني  وعلاقته  بجريمتي  إنتهاك  حرمة  المسكن والإضرار  بالمال
السجل  هو  عبارة عن صفحات رسمية مرقمة بالرقم الوطني للعقار الذي يظل ملازماً للعقار ابداً فيكون لكل عقار في الدولة رقم وطني هو رقم صفحته في السجل العيني حيث تتضمن هذه الصفحة البيانات اللازمة والكافية عن العقار من حيث رقمه وحدوده ومساحته وقيمته التقديرية والتصرفات التي تمت عليه في الماضي وتواريخ وقوعها وطبيعة العقار (اراضي زراعية / أرض بناء...) حسبما نصت عليه المادة 2من قانون السجل العقاري اليمني الذي نص أيضاً في المادة 5على أنه لا حجية رسمية لأي تصرف اذا لم يتم قيده في صفحة العقار في السجل العيني،ومع وجود السجل العيني في قانون السجل العقاري اليمني منذ 1991  الا انه لم يتم تطبيقه في اليمن ،وقد بدات القيادة الشابة للهيئة العامة للأراضي في الآونة الأخيرة بتطبيق السجل العيني في ثلاث مناطق مختارة (مديرية بني مطر/مديرية التحرير/مديرية بني الحارث) في امانة العاصمة وبعد ذلك سوف يتم تعميم السجل العيني على سائر مناطق البلاد، وقيادة الهيئة العامة للأراضي تبذل في الوقت الحاضر جهوداً مباركة في سبيل إنجاز هذه المهمة الوطنية الجليلة، والسجل  العيني قد تم تطبيقه في كل دول العالم لما له من اهمية بالغة في تقليص جرائم انتهاك حرمة المسكن والاضرار بالمال، لان السجل العيني يكون هو الوسيلة الوحيدة لإثبات الملكية العقارية وتحديد الحائز القانوني  ، فوفقاً لهذا النظام ينتهي دور البصائر والفصول وغيرها ومع وجود نظام السجل العيني  ستتلاشىى غالبية النزاعات العقارية بما فيها شكاوى انتهاك حرمة المسكن والإضرار بالمال، فعندئذ  لن يكون امام المزورين للبصائر والمتهبشين وعصابات الاعتداء على اراضي الغير   إلا وقف نشاطاتهم والبحث عن مهن أخرى. 

المبحث السابع
البسط على الأراضي  وجريمتا إنتهاك حرمة المسكن والاضرار بالمال 

البسط هو مصطلح يمني بحت هدفه تهذيب مصطلح الغصب والسطو (والتهبش) وتباشره حسبما اتضح مؤخراً عصابات منظمة متخصصة ينتظم في قوامها متخصصون في كل ما تحتاجه عملية البسط فهناك مسلحون ومشائخ وامناء وضباط و...و...و...الخ، وهذه العصابات المنظمة قد درست وحصلت وحفظت عن ظهر قلب أحكام الحيازة وعناصرها وشروطها وانواعها وآثارها افضل من المتخصصين ولذلك فهذه العصابات تدرس اوضاع الأراضي وملاكها وتختار الأراضي البيضاء (الأرض الفضاء) والأراضي التي لا يقيم ملاكها إلى جوارها ثم يبسطوا عليها لمدة أشهر أو سنوات وعندئذ يتركون السلاح الناري ويتسلحون بأحكام الحيازة ويستغلون سوء فهم أحكام الحيازة وسوء تطبيقاتها، ولذلك فقد ادركت الدولة في الآونة الأخيرة حجم هذه الظاهرة وخطورتها على الامن والسلم المجتمعي، ولذلك شمرت الدولة عن اياديها لمحاربة هذه الظاهرة القبيحة. 

المبحث الثامن

إثبات الحيازة في القانون اليمني 

في سياق الفهم الشرعي والقانوني الصحيح للحيازة فان كثيراً من اعضاء النيابة والقضاة يتحققون في البداية من الحيازة ومدى توفر عناصرها وشروطها ومن ذلك التحقيق والبحث في الكيفية التي وضع بها الحائز يده على العقار باعتبار ذلك شرطاً من أهم شروط الحيازة الشرعية والقانونية فان كان قد وضع يده بصورة صحيحة  فهو حائز شرعي وان كانت يده يد غاصب معتدي فلا سبيل لاعتباره حائزاً، وقد قضت محكمة النقض المصرية في الطعن رقم (6426) لسنة 58 بتاريخ 22/2/990م أنه (لما كان الغرض من العقاب في المادة (370) من قانون العقوبات هو حماية الحيازة الفعلية بقطع النظر عن الملكية إلا أنه يجب لسلامة الحكم ان تعتني محكمة الموضوع باستظهار من له الحيازة الفعلية الجديرة بحماية القانون) اما المحكمة العليا في اليمن فقد ذهبت إلى ابعد من ذلك حيث قضت في احكام كثيرة بانه يجب التأكد من الملكية. 

المبحث التاسع
موقف القانون اليمني والفقه الإسلامي من الحيازة
القانون المعني بتحديد الحيازة واحكامها وآثارها هو القانون المدني وليس قانون الجرائم والعقوبات، فالقانون المدني  هو الذي يبين مصادر الحقوق واحكامها وتنظيمها ومن ذلك احكام الحيازة ،في حين يقتصر دور قانون الجرائم والعقوبات على حماية الحيازة التي نظمها القانون المدني، ومن خلال دراسة أحكام الحيازة في القانون المدني حسبما وردت في المواد (من 1103 حتى 1118) نجد انه  قد بين ماهية الحيازة  وانواعها وشروطها وعناصرها ومدتها وهي (30 سنة) بل ان القانون المدني  اجاز  للمالك ان يثبت ملكيته حتى لو انقضت مدة الثلاثين سنة حسبما هو مقرر في المادة (1118) مدني، في حين يذهب غالبية الفقه الإسلامي إلى عدم جواز الحيازة عملاً بقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم (ليس لعرق ظالم حق) وقوله صلى الله عليه وآله وسلم (لا يحل مال امرئ مسلم الا بطيب من نفسه) في حين ذهب بعض المالكية إلى جواز الحيازة.
جريمة انتهاك حرمة المسكن والإضرار بالمال

              أهم النتائج والتوصيات

أولا: النتائج:
1-حسن صياغة نصوص التجريم والعقاب في القانون المصري بالنسبة لجريمتي إنتهاك حرمة المسكن والإضرار بالمال بالإضافة الى وضوح النصوص وترتيبها وتفصيلاتها ومعالجتها للجريمتين بعناية بخلاف الصياغة المضطربة والغامضة الواردة في المادتين253 و321يمني.
2-يصرح القانون المصري بأن حماية الحيازة قاصرة على المساكن ومافي حكمها وليس الأرض الفضاء .
3-هناك علاقة وثيقة بين سوء فهم وتطبيق احكام الحيازة وجرائم انتهاك حرمة المسكن والاضرار بالمال  وشيوع عصابات البسط والاعتداء على املاك الغير.
4-السجل العيني العقاري له دور مهم في تجفيف المنازعات العقارية والاعتداءات على العقارات .
5-لم يشر قانون الجرائم والعقوبات إلى حماية الحيازة في جريمة انتهاك حرمة السكن بخلاف القانون المصري.
6-القانون المعني بتنظيم الحيازة  هو القانون المدني الذي يبين ماهيتها وعناصرها وشروطها.
7-المادتان253و321غامضتان فضلا عن أنه لم ترد فيهما التفاصيل والمعالجات اللازمة.
8-صيغة المادتين 253و 321 تضمنت عبارات وكلمات أظن إلى وجود تداخل وخلط بينهما من ذلك ورود كلمة (أو عقارا) في المادة 253
9-لم تتضمن المادة 253 الغرض من التجريم وهو حماية الحيازة الظاهرة حسبما في القانون المصري. 

10-نتيجة سوء صياغة المادتين 253و321 فقد ظهرت اختلافات وتناقضات واجتهادات متغايرة في فهم احكام المادتين 253و  321 ،ولذلك تتباين الاحكام القضائية والاجتهادات الفقهية في هذا الشان.
ثانيا:التوصيات:
1-إعادة النظر في صياغة المادتين 253و321عقوبات يمني.
2-عقد ورش عمل تدريبية مكثفة في احكام الحيازة لاعضاء النيابة والقضاة الجزائيين.
والحمد لله في البدء والختام والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله الكرام. 
صنعاء المحروسة ذي القعدة 1442هـ
  والله الموفق ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق