الجمعة، 22 سبتمبر 2023

الإستئناف الجزئي في القانون اليمني

الإستئناف الجزئي في القانون اليمني

المقدمة 

▪️في حالات كثيرة يكون الغرض من إستئناف الأحكام الإبتدائية هو الكيد وإطالة إجراءات التقاضي وإرهاق الخصوم، ومن الوسائل القانونية لمواجهة هذه الظاهرة إعتبار الإستئناف كأن لم يكن  بعد مضي مدة سنة من تاربخ الجلسة الثانية التي لم يحضر فيها المستانف رغم إعلانه ، ولخطورة هذا الاجراء واثاره على حقوق ومصالح المستانف  فقد قرر القانون ضمانات وإجراءات يجب على محكمة الإستئناف إتباعها قبل قرارها بإعتبار استئنافه كأن لم يكن ، وقد تناول هذه المسألة الحكم الصادر عن الدائرة الجزائية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 24/1/2018م في الطعن رقم (60166)، وخلاصة وقائع القضية التي تناولها هذا الحكم ان سائقاً سار بالسيارة على رجل طفل يلعب في الشارع العام وعند ذلك  قام بإسعاف الطفل وفي المستشفى أقر بإرتكابه الحادث وتم إثبات الواقعة ونسبتها إليه ولكنه أمام النيابة حاول إنكار ضلوعه بالحادث حيث ذكر انه قام بإسعاف الطفل كواجب ديني وإخلاقي، وقد توصلت المحكمة الإبتدائية إلى إدانة السائق والحكم عليه بالأروش الشرعية وتكاليف العلاج، ولكنه استأنف الحكم إلا أنه بعد تقديمه الإستئناف لم يحضر جلسات المحاكمة رغم قيام محكمة الإستئناف بإعلانه عن طريق الضامن (الكفيل) فقررت الشعبة إعتبار إستئنافه كأن لم يكن فلم يقبل بالحكم الاستئنافي فقام بالطعن فيه بالنقض إلا ان الدائرة الجزائية رفضت الطعن وأقرت الحكم الإستئنافي وقد ورد ضمن أسباب حكم المحكمة العليا ((إما من حيث الموضوع فان الدائرة تجد أن ما نعى به الطاعن في طعنه على الحكم الإستئنافي من البطلان ومخالفة القانون لعدم إعلانه بالحضور وعدم التقيد بنصوص القانون المشار إليها في الطعن تجد الدائرة: ان ذلك النعي غير سديد لما أوضحته الشعبة في حيثيات حكمها: من ان الطاعن لم يحضر أصلاً من أول جلسة حتى آخر جلسة كما أنه لم يكلف نفسه بتعيين وكيل عنه يمثله أمام الشعبة وان الشعبة قد أكدت في حيثيات حكمها تكليف النيابة بإحضار ضمينه حيث أكد الضمين وهو من اقارب الطاعن أنه فام بتسليم الطاعن  الإعلان  ومع ذلك   لم يحضر، وقد استفادت الشعبة من ذلك التصرف عدم وجود رغبة جدية لدى المستأنف في موالاة مرحلة الاستئناف رغم  إعلانه قد تم صحيحاً، وعليه: فان  الدائرة لم تجد فيما نعى به الطاعن غير إرهاق والد الطفل المجني عليه والإمتناع عن دفع المبالغ المحكوم بها مما يلزم رفض الطعن)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ماهو مبين في الأوجه الأتية:*

 

➖➖➖➖➖

▪️الوجه الأول:إعتبار إستئناف الحكم الجزائي گأن لم يكن في القانون:

➖➖➖➖➖


*▪️لم ينص قانون الاجراءات الجزائية على إعتبار الإستئناف كأن لم بكن إلا أن قانون الإجراءات الجزائية ينص في المادة (564) على انه (يرجع في كل ما لم يرد فيه نص في هذا القانون إلى أحكام قانون المرافعات وقانون الإثبات الشرعي والقواعد العامة الشرعية) وتبعاً لذلك فان إعتبار إستئناف الحكم الجزائي كأن لم يكن يتم وفقاً للأحكام  المقررة في قانون المرافعات، وفي هذا الشأن نصت المادة (289) مرافعات على انه (إذا لم يحضر المستأنف في اليوم المحدد للجلسة الأولى فعلى المحكمة تحديد موعد جلسة تالية وتعلن المستأنف بالموعد الجديد وفقاً لقواعد الإعلان فإذا لم يحضر في الجلسة التالية أعتبر إستئنافه كأن لم يكن وصار الحكم الابتدائي واجب التنفيذ وفقاً للقواعد العامة إلا إذا كان ميعاد الإستئناف لا يزال قائماً فللمستأنف رفع إستئناف جديد وفيما لم يقض به القانون بنص خاص يتبع في شأن خصومة الإستئناف القواعد المتعلقة بما هو مقرر أمام محكمة الدرجة الأولى) وعلى أساس ما تقدم في هذه المادة فان الإستئناف من غير النيابة العامة يعتبر كأن لم يكن إذا لم يحضر المستأنف الجلسة وتم إعلانه فلم يحضر في الجلسة التالية حسبما ورد في النص السابق، إما إستئناف النيابة العامة فلا يسري عليه هذا الحكم لان قانون الإجراءات الجزائية قد نص صراحة على انه يترتب البطلان على عدم حضور ممثل النيابة جلسة المحاكمة، فجلسة المحاكمة لا تكون صحيحة إلا بحضور ممثل النيابة العامة،فمن غير المتصور أن لاتحضر النيابة جلسة نظر إستئنافها.*

➖➖➖➖➖

الوجه الثاني: المبررات التي يستند إليها إعتبار الإستئناف كأن لم يكن:

➖➖➖ ➖➖


*▪️صرحت المادة (289) مرافعات بأن الإستئناف يعتبر كأن لم يكن إذا لم يحضر المستانف جلسة الإستئناف وتم إعلانه بالحضور للجلسة التالية فلم يحضر أيضا حسبما سبق بيانه، وذكرنا ان هذا النص القانوني يسري على إستئناف الحكم الجزائي المقدم من غير النيابة العامة، ويستند هذا الأمر إلى إعتبارات عدة من اهمها ان المستأنف في مركز المدعي المفتتح للخصومة في مرحلة الإستئناف فهو المعني بمتابعة وموالاة إجراءات نظر إستئنافه حيث يفترض ان يكون هو المحرك للإجراءات فإذا لم يقم بمتابعة إستئنافه فان ذلك دليل على انه قد ترك الإستئناف وتنازل عنه وأرتضى أو قبل بالحكم الابتدائي مما يستوجب القرار بإعتبار استئنافه كأن لم يكن (الطعن بالإستئناف، د.نبيل إسماعيل عمر، صـ158).*


➖➖➖➖➖

▪️الوجه الثالث: مدى  لزوم الحكم بإعتبار الإستئناف كأن لم يكن:*

➖➖➖➖➖


*▪️يثور جدل واسع في اليمن وغيرها بشأن هذه المسألة حيث يذهب فريق إلى انه لا يلزم صدور حكم بإعتبار الإستئناف كأن لم يكن لان إعتبار الإستئناف كأن لم يكن يقع بحكم القانون وليس بحكم القاضي وانه يكفي ان يصدر القاضي قراراً في الجلسة التالية التي لم يحضر فيها المستأنف رغم إعلانه بإعتبار إستئنافه كأن لم يكن، في حين يذهب فريق آخر إلى انه ينبغي صدور حكم في خصومة الإستئناف وإعلان المستأنف المحكوم عليه لعدم علمه بإعتبار إستئنافه كأن لم يكن.*

➖➖➖➖➖

▪️الوجه الرابع:إعلان المستانف عن طريق الكفيل بحضوره:

➖➖➖➖➖


*▪️الكفالة أو الضمانة المشار اليها في الحكم محل تعليقنا هي: كفالة حضورية يلتزم بموجبها الكفيل بحضور الشخص المطلوب حضوره حين طلبه، وهناك مقال بشان  شرعية هذه الضمانة إذا تعذر على الكفيل إحضار المكفول عليه بعد ان بذل الكفيل وسعه في البحث عن المكفول عليه لإحضاره حيث يتم في بعض الحالات حبس الكفيل أو إغلاق محله،وكذلك الحال بالنسبة لإعلان المستانف المكفول عليه عن طريق موطن إقامة الكفيل لأن ذلك ياتي خروجا عن القواعد العامة للاعلان التي توجب إعلان الشخص نفسه إلى موطنه إن كان له موطن وان لم يكن له موطن فيتم إعلانه عن طريق النشر إلا أن الحكم محل تعليقنا أشار إلى أنه قد تم إعلان المكفول عليه المستانف عن طريق كفيله بسبب تعذر إعلان المستانف لاسيما أن الكفيل قد أكد وشهد  أنه قد قام بتسليم الاعلان إلى المستانف، والله اعلم.


الإستئناف الجزئي في القانون اليمني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق