الأحد، 29 مايو 2022

اعادة النظر في الحكم الالتماس في القانون اليمني

اعادة  النظر  في  الحكم  الالتماس  في  القانون  اليمني 












لا يجوز الإلتماس في الحكم المعاد إلى محكمة الموضوع
أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء






➠➠➠➠➠➠➠➠➠➠












◐قضى الحكم محل تعليقنا بعدم جواز إلتماس إعادة النظر في الحكم الذي تعيده المحكمة العليا إلى محكمة الموضوع، لأنه ليس منهياً للنزاع، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 6-8-2016م في الطعن رقم (56829)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((بالإطلاع على عريضة الإلتماس والرد عليها وعلى مشتملات الملف بما في ذلك حكم الدائرة الملتمس فيه: يتبين ان قضاء هذه الدائرة لم يمتد إلى الفصل في الموضوع حسبما يثيره الملتمس في عريضته بل اقتصر الحكم على النظر والرقابة للحكم موضوع الطعن  من حيث تطبيق القانون، كما ان حكم الدائرة المتلمس فيه ليس منهياً للخصومة، حيث قررت الدائرة نقض حكم الشعبة جزئياً وإعادة ملف القضية إلى الشعبة لمعاودة نظر الاستئناف، ذلك أن الشعبة التجارية أيدت حكم محكمة أول درجة على علاته دون إستدراك ومناقشة لما شاب الحكم الابتدائي من القصور في التسبيب وقيام محكمة أول درجة بإضافة مبلغ إضافي إلى ما ورد في تقرير المحاسب دون بيان أساس ذلك، وحيث ان الحكم الملتمس فيه وهو حكم الدائرة غير منه للخصومة لنقضه في تلك الجزئية وإعادة نظر الاستئناف فلا محل لسلوك طريق الإلتماس على حكم الدائرة عملاً بالمادة (307) مرافعات التي نصت على أنه: (يجب لقبول الإلتماس شكلاً توافر الشروط الأتية ومن تلك الشروط ما نصت عليه الفقرة (4) ان لا يكون أمام الملتمس سوى طريق الإلتماس اما لإستنفاد طرق الطعن الأخرى أو لفوات الطعن بها) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ماهو مبين في الأوجه الأتية: 
➠➠➠➠➠➠➠➠➠➠
الوجه الأول: حكم الإعادة لا ينهي النزاع: 
➠➠➠➠➠➠➠➠➠➠
◐حكم الإعادة: هو الحكم الذي تقضي فيه محكمة الطعن بنقض الحكم كلياً أو جزئياً وإعادة الأوراق إلى محكمة الموضوع لإعادة بحث المسألة الجزئية أو إعادة بحث الموضوع برمته، فالظاهر ان هذا الحكم لا ينهي النزاع ولا يحسمه، حيث يقضي حكم الإعادة  بإعادة بحث الموضوع من قبل محكمة الموضوع والفصل فيه بحكم جديد، ومن خلال ذلك يتأكد لنا أن حكم الإعادة لا يحسم النزاع أو ينهي الخصومة. 
➠➠➠➠➠➠➠➠➠➠
الوجه الثاني: يشترط لقبول الإلتماس ان يكون الحكم الملتمس فيه نهائياً: 
➠➠➠➠➠➠➠➠➠➠
◐حيث يفهم هذا الشرط من شروط قبول الإلتماس شكلاً يفهم هذا الشرط من الفقرة (4) من المادة (307) مرافعات التي نصت على أنه: (يجب لقبول الإلتماس شكلاً: -4- أن لا يكون أمام الملتمس سوى طريق الإلتماس اما لاستنفاد طرق الطعن الأخرى أو لفوات الحق)، فالحكم غير المنهي للخصومة لا يكون نهائياً ولا باتاً، علاوة على أن حكم الاعادة قد أوجد طريقا غير الإلتماس اي وسيلة بديلة عن الإلتماس  يستطيع الخصم سلوكه وهو تقديم مالديه أمام المحكمة التي اعيدت القضية اليها ، وعلى هذا الأساس فإن الفقرة (4) من المادة (307) تنطبق على حكم محكمة الطعن بإعادة القضية لبحث موضوعها، وان هذا الحكم غير قابل للإلتماس حسبما قضى الحكم محل تعليقنا. 
➠➠➠➠➠➠➠➠➠➠
الوجه الثالث: حالات الإلتماس وحكم الإعادة: 
➠➠➠➠➠➠➠➠➠➠
◐عند التأمل في حالات إلتماس إعادة النظر المنصوص عليها في المادة (304) مرافعات كغش الخصوم وتزوير الأوراق وبناء الحكم على شهادة أو يمين قضي بعدم صحتها أو الحصول على أوراق قاطعة وغير ذلك من حالات الإلتماس ، عند التأمل في هذه الحالات نجد أن حكم الإعادة إلى محكمة الموضوع يتيح للخصوم التمسك بهذه الحالات وتقديم مالديهم  بشأن هذه الحالات أمام محكمة الموضوع التي  اعيدت القضية اليها آلتي ستبحث ماقدمه الخصوم بشأن تلك المسائل وتفصل في  القضية في ضوء ذلك ، وهذا هو كان مقصود الملتمس فيما لو كان التماسه صحيحاً، وقبلت محكمة الطعن الإلتماس فهي كانت ستعيد القضية إلى محكمة الموضوع لإعادة بحثها والحكم فيه، والله اعلم .
x
x

قاعدة قضائية تسوية وضع العامل في القطاع الخاص لايختص بة القضاء اليمني


أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين

الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء

➖➖➖➖➖


▪️المقصود بتسوية وضع العامل هو معالجة وضعه في الشركة التي يعمل بها من حيث ترقيته والدرجة التى يستحقها العامل في سلم الدرجات في الشركة التي يعمل بها، ففي هذا الشأن قضى الحكم محل تعليقنا بأن تسوية وضع العامل لا يختص بنظرها القضاء، لان ذلك من مقتضيات السلطة التقديرية لإدارة الشركة التي يعمل لديها العامل، لان التسوية الإدارية للعامل وترقيته الى وظيفة معينة تخضع لإعتبارات وتقديرات السلطة الإدارية في الشركة التي يعمل لديها العامل حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 4-4-2018م في الطعن رقم (59507)، الذي ورد ضمن أسبابه أنه: ((لما كان الطعن قد أستوفى شروط قبوله شكلاً وفقاً لقرار دائرة فحص الطعون فقد وجب النظر في أسباب الطعن موضوعاً، والهيئة بعد دراسة الأوراق التي اشتمل عليها ملف القضية وجدت أن القضاء في الحكم المطعون فيه لا تطمئن إليه النفس وخصوصاً ان الشعبة لم تدرك ما تركه القانون لرب العمل ومنع اللجنة التحكيمية من النظر فيه، وذلك فيما قضت به بلزوم تسوية درجة العامل المحكوم له، كون الأمر ذو طبيعة إدارية لا ولاية للجنة التحكيمية في نظره، وان كان لها الولاية في جبر الضرر الحاصل بشأنه)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ماهو مبين في الأوجه الأتية:

➖➖➖➖➖

▪️الوجه الأول: الإعتبارات الإدارية والإعتبارات القانونية لترقية العامل:

➖➖➖➖➖


▪️كان غالب الجدل في الحكم محل تعليقنا بشأن مدى أحقية القضاء في الحكم بترقية العامل إلى الوظيفة الأعلى، وهل ذلك يخضع لسلطة القضاء التقديرية في ضوء الشروط القانونية للترقية ام ان ذلك يخضع للسلطة التقديرية لإدارة الشركة التي يتبعها العامل المدعى، حيث قضى قرار اللجنة العمالية والحكم الاستئنافي بأحقية العامل في الترقية إلى رئيس قسم.....، وسند قرار اللجنة العمالية والحكم الاستئنافي فيما قضيا به انه ينبغي مساواة العامل المدعي بأمثاله من عمال الشركة المساوين له في الموهلات  والخبرة وسنوات الخدمة لاسيما أنه قد توفرت فيه شروط الترقية كالمدة، في حين ذهب حكم المحكمة العليا محل تعليقنا إلى تغليب الإعتبارات الإدارية للسلطة الإدارية في الشركة التي يعمل بها العامل، فادارة الشركة هي التي تختار فريق الأدارة التي تراه جديراً بتحقيق أهدافها وخططها وطموحها وسياساتها وبرامجها، فللسلطة الإدارية في الشركة السلطة التقديرية في ترقية من تراه جديراً لذلك، لان الإعتبارات الإدارية غالبة على الإعتبارات القانونية فيما يتعلق بالتعيين في الوظائف أو الترقية اليها ، فقد تتحقق في العامل الشروط القانونية للترقية كالمؤهل والخبرة وسنوات الخدمة، ولكن الاعتبارات الإدارية لشغل الوظيفة قد لاتتحقق فيه مثل قوة الشخصية وروح المبادرة وتحمل المسؤلية والقدرة على اتخاذ القرار وغيرها من الإعتبارات الإدارية لشغل الوظيفة أو الدرجة الأعلى، فتحقق الشروط القانونية كالمؤهل وسنوات الخدمة والخبرة لا يعني بالضرورة تحقق الإعتبارات الإدارية في العامل، لان الإعتبارات الإدارية لا تستطيع تقديرها إلا سلطة الإدارة في الشركة التي يعمل بها العامل مثل قوة الشخصية والأمانة والنزاهة والولاء الوظيفي وروح المبادرة وروح القيادة، فهذه الإعتبارات الإدارية تكون هي الغالبة والراجحة في تعيين العامل أو ترقيته، وتكون السلطة الإدارية المختصة هي الأجدر في تقديرها إَضافة إلى الإعتبارات الإدارية التي ترجع إلى جهة الإدارة مثل تقديرها لدور العامل ومساهمته في الوظيفة المطلوب ترقيته اليها ، ودوره في تحقيق أهداف وخطط وبرامج وسياسات الشركة وطموحاتها وتطلعاتها، فهذه الإعتبارات تخضع للسلطة التقديرية للإدارة، وليس للسلطة التقديرية للقضاء حسبما قضى الحكم محل تعليقنا، وما قضى به الحكم محل تعليقنا إجتهاد سديد يوافق ما ذهب إليه القضاء الإداري والفقه الإداري في غالبية الدول الذي يذهب إلى ان مسائل التعيين في الوظائف أو الترقية للوظائف يخضع لسلطان الإدارة وليس لسلطان القضاء، وقد قضت الدائرة الإدارية بالمحكمة العليا في اليمن في حكم سبق لنا التعليق عليه بأنه لا يجوز الحكم بإعادة العامل إلى عمله حيث يقتصر سلطان القضاء على الحكم للعامل بالتعويض في هذه الحالة.

➖➖➖➖➖

▪️الوجه الثاني: سلطة القضاء في الحكم بالتعويض للعامل المضرور من عدم ترقيته:

➖➖➖➖➖


▪️قضى الحكم محل تعليقنا بأنه لا يحق للقضاء ان يحكم بترقية العامل غير أنه يحق له ان يحكم للعامل بالتعويض إذا طلب العامل ذلك وثبت للقضاء خطأ إدارة الشركة وتعسفها وامتناعها عن ترقية العامل مع تحقق الشروط القانونية والإدارية في العامل حسبما ورد في أسباب الحكم محل تعليقنا، لان القضاء يستطيع قياس عناصر التعويض والحكم بموجبها بخلاف طلب الترقية.

➖➖➖➖➖

▪️الوجه الثالث: إشكالية الحق في الترقية والمساواة بين العمال والموظفين في هذا الحق:

➖➖➖➖➖


▪️لا شك ان الترقية حق للعامل أو الموظف، وهذا الحق مكفول في الدستور وقانون العمل والوظيفة العامة، ولكن الإشكالية تكمن في ان قانون الخدمة المدنية (الوظيفة العامة) وكذا الأنظمة الإدارية في غالبية الشركات الخاصة باليمن تشترط للترقية وجود وظيفة شاغرة كي يترقى الموظف أو العامل إليها مثلما حدث في القضية التي تناولها الحكم محل تعليقنا ، وهذه الفلسفة الإدارية اعتنقتها الإدارة اليمنية بصورة مخالفة لمبادئ العدالة والمساواة منذ (1988) وهو تاريخ صدور قانون الخدمة المدنية الذي اشترط لترقية الموظف إلى الدرجة الأعلى وجود وظيفة شاغرة (رئيس قسم /مدير إدارة /مدير عام.. الخ) ، وبعد ذلك اقتفت أنظمة الشؤون الإدارية والموارد البشرية في الشركات الخاصة نظام الترقية المقرر بقانون الخدمة المدنية حيث يظل غالبية العمال والموظفين بغير ترقية حتى تشغر الوظيفة المراد الترقية إليها، ولذلك يشعر غالبية الموظفين والعمال بالظلم والسخط من عدم ترقيتهم أسوة بزملائهم ورسوبهم في درجاتهم لمدد طويلة جداً، ولذلك فإن النظام الوظيفي العادل هو نظام الدرجات الذي يعطي الموظف أو العامل الدرجة المستحقة دون اعتبار لشغر الوظيفة الأعلى مثل القضاة واساتذة الجامعة والسلك العسكري والدبلوماسي حيث ينال  الواحد من هولاء درجته وهو يشغل الوظيفة ذاتها دون حاجة إلى اشتراط شغر الوظيفة، وقد كان هذا النظام بالنسبة لموظفي الدولة والشركات الخاصة متبع  في اليمن قبل صدور قانون الخدمة المدنية عام 1988م الذي أوجد هذه الإشكاليات، والله اعلم.