الخميس، 4 أغسطس 2022

حق الارتفاق في القانون اليمني

حق الارتفاق لا يسقط بالتقادم أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء قضى الحكم محل تعليقنا بأن حق الارتفاق لا يسقط إلا في الأحوال التي حددها القانون المدني ، ولذلك لا يسقط حق الارتفاق بالتقادم المنصوص عليه في قانون الإثبات،كما أن حق الارتفاق بعد ثبوته لايسقط بعدم استعمال صاحبه حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 3-12-2014م في الطعن رقم (55792) الذي ورد ضمن أسبابه: ((فإن الدائرة بعد الرجوع إلى ملف القضية تجد أن ما نعى به الطاعن في أسباب طعنه وارد ومؤثر في الحكم المطعون فيه، حيث ذكر الطاعن ان المحكمة الإبتدائية خالفت الشرع والقانون واستندت في حكمها إلى مواد قانونية في غير محلها، وقصرت المسألة في حق الارتفاق لموضع باب السمسرة وعلى غرارها الخاطئ سارت الشعبة الاستئنافية دون الأخذ في الاعتبار إلى دعوى مورثنا ابتداء وقد جاء ذلك القضاء المخالف للشرع والقانون فيما قضى به الحكم من تعويضنا مليون ريالا عن حق الارتفاق لباب السمسرة ونزع ملكيتنا في ذلك لمصلحة شخصية دون تعويض عادل...إلخ ماذكره الطاعن ، وقد تبين للدائرة من خلال الأوراق أن الشعبة ومن قبلها المحكمة الابتدائية قد قصرتا في استيعاب نظر القضية موضوعا، وذلك لقضائهما بنزع حق الارتفاق المدعى به بعد أن تبين لمحكمة أول درجة صحة دعوى المدعين في حقهم في الانتفاع في الممر محل النزاع، وذلك من خلال أن بصيرة المدعين شملت ذلك الحق للمدعين، وحيث تبين قيام المدعى عليهما الأول والثاني بالتصرف بالمدعى به إلى المدعى عليه الثالث حال كونه محملاً بحق الارتفاق للمدعين، وبما أن الحقوق العينية الفرعية لا تنفرد بالحكم كونها تابعة لأصل المبيع المشترى من قبل والد المدعين، وحيث أن ما يحتج به المدعى عليهما الأول والثاني أن والد المدعين قد سد الباب الخاص بالسمسرة فإن ذلك ليس مبرراً لحرمان المدعين من حق الانتفاع بالممر محل النزاع، ذلك أن القانون المدني قد نص في المادة (1354) مدني على أنه: (إذا قام أحد الشركاء في الطريق بسد بابه المفتوح إليه فلا يسقط حقه في المرور فيه ويجوز له ولخلفه من بعده أن يعيد فتح الباب متى شاء)، وما اثاره المدعى عليهم من أن السمسرة قد مضى على سد بابها ستون عاماً ليس صحيحا، لإن إنتهاء حق الارتفاق ليس محدداً بمدة فلاينتهي الا في الحالات التي حددها نص المادة (1378) مدني ومنها الاتفاق على انهاء حالة الارتفاق وزوال محله وتعذر استعمال الارتفاق وتنازل صاحب الارتفاق، وهذه الأحوال لا توجد فيما نحن بصدده، وحيث أن استناد محكمة أول درجة إلى قانون الإثبات وقولها ان قانون الإثبات اليمني قد نظم حالات عدم سماع الدعوى والمدد الزمنية لعدم السماع، فإن ذلك الاستناد في غير محله، لان القانون المدني في هذا النزاع هو القانون الخاص الواجب إعماله، وقد عالج حالات الارتفاق بما فيه الكفاية، ولما كان الأمر كذلك وحيث تحقق سبب الطعن الذي نعى به الطاعنان على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفقاً للمادة (292/1) مرافعات فأنه من المتعين قبول الطعن موضوعاً))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية: الوجه الأول: ماهية حق الارتفاق وإنشائه: عرف القانون المدني حق الارتفاق في المادة (1340) التي نصت على أن: (الارتفاق منفعة مقررة على عقار تحد من انتفاع مالكه به لمصلحة عامة أو خاصة) وبينت المادة (1341) مدني كيفية إنشاء حق الارتفاق، حيث نصت هذه المادة على أن: (يكتسب الارتفاق بإذن المالك أو بالتصرف الشرعي أو بالميراث أو بالعرف ويجوز أن يترتب على مال عام إن كان لا يتعارض مع الاستعمال المخصص لهذا المال)، وتندرج ضمن حقوق الارتفاق حق الطريق وحق المرور وحق الشرب وحق المجرى (ماء الري) وحق المسيل، وقد تناول الحكم محل تعليقنا حق المرور والطريق. الوجه الثاني: لا يسقط حق الارتفاق بعدم الاستعمال أو التقادم: قضى الحكم محل تعليقنا بأن حق الارتفاق لا يسقط بعد ثبوته بعدم استعمال صاحب الحق، وقضى الحكم بأن حق الارتفاق لا يتقادم بمضي المدة على عدم استعماله بعد ثبوته، وسند الحكم محل تعليقنا في قضائه المادة (1378) مدني التي نصت على أن: (ينتهي حق الارتفاق في الأحوال الآتية: -1- إنتهاء الأجل -2- زوال محله -3- إجتماع العقارين المرتفق والمرتفق به في يد مالك واحد، ويعود الارتفاق إذا زال سبب ذلك بإبطال أو فسخ أو نحوهما -4- تعذر استعمال الارتفاق بسبب تغير طرأ على أحد العقارين الخادم والمنتفع ويعود اذا عادا إلى ما كانا عليه -5- تنازل صاحب الارتفاق عن استخدامه وإعلام مالك العقار الخادم بذلك -6- زوال الفائدة منه وإذا بقيت له فائدة محدودة لا تتفق مع الاعباء الواقعة على العقار الخادم جاز إنهائه)، فقد ذهب الحكم محل تعليقنا إلى أن حق الارتفاق لا ينتهي ولا يتقادم ولا يسقط إلا في الأحوال المحددة في هذه المادة، باعتبار القانون المدني قانون خاص يقيد عمومية أحكام التقادم المنصوص عليها في قانون الإثبات، وان النص الوارد في القانون المدني أولى في التطبيق من أحكام التقادم الواردة في قانون الإثبات. الوجه الثالث: يجوز للمنتفع أن يعود إلى استعمال حق الارتفاق بعد تركه: كانت القضية التي تناولها الحكم محل تعليقنا تتلخص في أن صاحب البناء( السمسرة )كان له باب مفتوح على الممر يستعمله في الدخول والخروج إلى البناء ولم يكن حينها يعارضه أحد في ذلك، فقام صاحب البناء من تلقاء نفسه بسد ذلك الباب واستعمال الباب الآخر للبناء الواقع في الجهة المقابلة – وبعد مدة اراد صاحب البناء إعادة فتح الباب الذي سبق له ان سده فعارضه جاره متمسكاً بسقوط حقه في استعمال المرور لتركه هذا الحق لمدة طويلة( 60 ) عاما، فقضى الحكم محل تعليقنا بأن حق الارتفاق لا يتقادم، وأنه يجوز للمنتفع العودة لاستعمال حقه بعد تركه وأستند الحكم في ذلك إلى المادة (1354) مدني التي نصت على أنه: (إذا قام أحد الشركاء في الطريق الخاص بسد بابه المفتوح إليه فلا يسقط حقه في المرور فيه ويجوز له ولخلفه من بعده أن يعيد فتح الباب متى شاء)، والله اعلم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق