الثلاثاء، 20 سبتمبر 2022

كفالة الطفل في القانوني

كفالة الطفل في القانون اليمني

لا تخيير للطفل في كفالته إلا بين الأم والأب فقط 
أعداد
أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء
أولا نبذة مختصرة لما قضى بة القضاء اليمني في مسألةالكفالة 
 قضى الحكم محل تعليقنا بأنه لا يجوز التخيير في كفالة الطفل إلا بين الأم والأب فقط عند اختلافهما، فلا مجال لتخيير الطفل بين غير الاب والام وإنما يختار القاضي في هذه الحالة من يراه بحقق مصلحة الطفل، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة الشخصية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 26-8-2013م في الطعن رقم (52842)، حيث كان الحكم الاستئنافي قد قضى أنه: ((أما بالنسبة للسبب الثاني فإن الحكم الابتدائي قد خالف الشرع والقانون، فبالرجوع إلى حيثيات الحكم الابتدائي نجد أن القاضي مصدر الحكم قد أستند إلى رأي الطفل ورغبته في البقاء مع جدته أم أمه وأنه يحظى بالرعاية والإهتمام من قبل جدته بعد ما تزوجت أمه، بيد أن بقاء كفالة الجدة مخالف لنص المادة (148) أحوال شخصية التي حصرت التخيير بين الأب والأم فقط، أما إذا حدث الخلاف بين الأب والجدة أم أم الطفل فإن الأب أحق بكفالة ابنه، إذ أن الكفالة تختلف عن الحضانة، فالمكفول عليه قد بلغ نهاية سن التمييز واشرف على سن البلوغ، فالإنسان في هذه المرحلة من العمر لم يعد بحاجة إلى شفقة وعطف جدته، فمصلحة الطفل تكمن في العيش مع والده ومشاركته في اعماله، فليس من المصلحة أن يعيش بعيداً عن ابيه))، وقد أقر الحكم محل تعليقنا الحكم الاستئنافي، حيث أيدت الدائرة الشخصية الحكم الاستئنافي وقد ورد في أسباب حكم المحكمة العليا أنه: ((بالتأمل وإمعان النظر في حيثيات وأسباب الحكم الاستئنافي وعريضة الطعن بالنقض والرد عليها فقد تبين للدائرة أن الأسباب التي توصلت إليها محكمة الاستئناف بأحقية كفالة الولد الذي تجاوز سن الحضانة لأبيه أسباب شرعية وقانونية صحيحة، لما استندت إليه وعللت به، ولذلك فإن الحكم الاستئنافي جاء موافقاً للشرع والقانون فيما قضى به مما يستوجب رفض الطعن)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم
 حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:

 الوجه الأول: التخيير في الكفالة في قانون الأحوال الشخصية: ورد التخيير في الكفالة في المادة (148) أحوال شخصية التي نصت على أنه: (متى استغنى بنفسه الولد ذكراً أو انثى خير بين أبيه وأمه عند إختلافهما مع وجود المصلحة، وإذا اختلف من لهم الكفالة غير الأب والأم اختار القاضي من فيه المصلحة للولد بعد إستطلاع رأيه)، ومن خلال إستقراء هذا النص نجد أنه قصر تخيير الطفل في أمر كفالته على الأب والأم فقط، حسبما قضى الحكم محل تعليقنا، ولذلك لاحظنا أن الحكم الاستئنافي ابطل الحكم الابتدائي الذي قام بتخيير الطفل في أمر كفالته حيث خير الحكم الابتدائي الطفل بين أبيه وجدته أم أمه خلافاً لنص المادة (148) السابق ذكرها، وعلى هذا الأساس فقد قضى حكم المحكمة العليا بإقرار الحكم الاستئنافي لأنه موافق للشرع والقانون حسبما ورد في الحكم محل تعليقنا. 


 الوجه الثاني: إفتراض المساواة بين الأم والأب عند التخيير: يكون التخيير عامة عندما تتساوى البدائل حيث يترك للشخص الإختيار من بين هذه البدائل المتساوية، ومن هذا المنطلق فإن القانون افترض المساواة النسبية بين الأم والأب في قرابتهما من طفلهما وفي عطفهما وشفقتهما وحرصهما عليه، ولذلك قصر القانون التخيير في كفالة الطفل على الأم والأب فأيما اختار الطفل منهما كان له الخير في ذلك، أما إذا كانت البدائل أو الخيارات أمام الطفل غير متساوية كالخيار فيما بين الجدة والأب فلا مجال للتخيير في هذه الحالة، لان التفاوت قائم (الولاية على الطفل، ا. د. عبد المؤمن شجاع الدين، ص 27 ).

 الوجه الثالث: تخيير الطفل في كفالته لا يكون إلا في حالة خلافهما على كفالته: صرحت المادة (148) أحوال شخصية السابق ذكرها بأن تخيير الطفل في كفالته بين امه وابيه لا يكون إلا في حالة خلافهما في أمر كفالته، لأن الغالب أن يتفق الأب والأم المفترقان على تنظيم الكفالة فقد يترك الأب أمر الكفالة للأم كما قد تترك الأم أمر الكفالة للأب بالتراضي بينهما، كما قد يتقاسما مدة الكفالة .  

الوجه الرابع: عند إختلاف غير الأب والأم على الكفالة لا تخيير للطفل بل يختار القاضي: صرحت المادة (148) أحوال شخصية بأنه في حالة إختلاف غير الأم والأب على كفالة الطفل فلا مجال لتخيير غير الأب والأم، وإنما يختار القاضي التكافل المناسب الذي يحقق مصلحة الطفل بعد إستطلاع رأي الطفل، فلا يختار القاضي الكافل للطفل إلا بعد أن يستطلع القاضي رأي الطفل المكفول للوقوف على رغبات الطفل وهواياته وأماله وتطلعاته المستقبلية حتى يقدر القاضي تقديرا صحيحا الكافل المناسب الذي يحقق مصلحة الطفل في الكفالة .

 الوجه الخامس: المصلحة مناط التخيير والإختيار لكافل الطفل: من خلال مطالعة المادة (148) أحوال شخصية التي أستند إليها الحكم محل تعليقنا نجد انها جعلت مصلحة الطفل المكفول هي المعيار والضابط في تحديد الكافل المناسب المختار للطفل، فعند تخيير الطفل بين أمه وأبيه يشترط أن يكون فيما اختار الطفل مصلحة له، فإذا لم يكن للطفل مصلحة في إختياره فإن القاضي يتدخل ليحكم بالكفالة لمن فيه مصلحة للطفل حتى لو وقع خيار الطفل على غيره، وكذلك الحال عندما يقوم القاضي بإختيار الكافل المناسب عند إختلاف غير الأب والام على الكفالة، ولذلك فأنه ينبغي على القاضي في كل الأحوال ان يستشرف مصلحة الطفل عن طريق إستطلاع رأي الطفل في أمر كفالته وعن طريق توجيه الأسئلة وإستجواب المتنازعين على الكفالة. (الوجيز في أحكام الأسرة، أ.د.عبدالمؤمن شجاع الدين، ص217)، والله اعلم . https://t.me/AbdmomenShjaaAldeen 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق