الأربعاء، 28 سبتمبر 2022

الشفعة في القانون المدني اليمني

الشفعة في القانون المدني اليمني 

إثبات وقت علم الشفيع 

أ.د/ عبد المؤمن شجاع الدين الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء
 هناك اشكالية حقيقية في اليمن بشأن إثبات وقت علم الشفيع بشراء الارض المشفوعة. فمعلوم انه يتم إثبات وقت علم الشفيع بوسائل الإثبات المقررة قانونا لان القانون اليمني لم يشترط اخطار الشفيع بالشراء حتى يتم تحديد وقت علم الشفيع بدقة.ولذلك فانه من المناسب التوعية بهذا الموضوع ولذلك اخترنا التعليق على الحكم الصادر عن الدائرة المدنية في جلستها المنعقدة بتاريخ 29/3/2010م في الطعن المدني رقم (40493) لسنة 1430هـ وتتلخص وقائع القضية التي تناولها هذا الحكم: أن احد الأشخاص تقدم أمام المحكمة الابتدائية مدعياً أن المشترين المدعى عليهم قاموا بشراء اجزاء من عدة مواضع زراعية من البائعين لهم وذكر المدعي بان المواضع التي شروها ما زالت خلطة فيما بينه وبين البائعين وذكر بانه لم يعلم بالشراء لتلك المواضع الا بعد نزاعه مع البائعين لتلك المواضع بشأن ما يخص كل واحد من الورثة في تلك المواضع المشتركة وصدور حكم من المحكمة في ذلك النزاع وطلب من المحكمة الزام المدعى عليهم بإحضار بصيرة الشراء لمعرفة الثمن والحكم له بالشفعة بسبب الخلطة والشيوع وامام المحكمة اجاب المدعى عليهم بانهم قد قاموا بشراء اجزاء من تلك المواضع قبل ثلاث سنوات، وسارت المحكمة في اجراءات نظر القضية حتى انتهت الى الحكم بصحة دعوى المدعي ضد المدعى عليهم وبثبوت استحقاق المدعي للشفعة فيما شراه المدعى عليهم وهو نصيب البائعين في المواضع المذكورة في الدعوى والزام المدعى عليهم بتسليم غرامة المدعي وتقدرها المحكمة بعشرين الف ريال، وقد ورد في اسباب الحكم الابتدائي (وحيث قد اخفق المدعى عليهم في إثبات حصول علم المدعي بالشراء للمواضع المشفوع فيها وحيث ان القاعدة الشرعية تقضي بإضافة الحادث الى اقرب أوقاته فالاصل عدم علم المدعي بشراء المدعى عليهم الا بتاريخ ..... وفقاً لإفادة الشيخ.... المرفقة بعريضة الدعوى، لذلك فالثابت استحقاق المدعي الشفعة فيما شراه المدعى عليهم بقدر نصيب البائعين في المواضع المذكورة بحسب ما ورد في بصيرة شرائهم) فلم يقبل المدعى عليهم بالحكم الابتدائي حيث قاموا باستئنافه، فقبلت الشعبة المدنية الاستئناف فقضت بإلغاء الحكم الابتدائي، وقد ورد في اسباب الحكم الاستئنافي ( انه بالتأمل للحكم الابتدائي والوقوف على أسباب الاستئناف وأوراق القضية فقد تبين للشعبة أن قضاء الحكم الابتدائي بصحة دعوى المستأنف ضده واستحقاقه الشفعة محل نظر لان المدعى عليهم قد رفضوا في اجاباتهم أمام المحكمة الابتدائية بسقوط حق المدعي في طلب الشفعة لسبق علمه بالبيع وتراخيه عن الطلب في المدة القانونية وقدموا عدداً من الشهود المثبتة شهاداتهم في الحكم الابتدائي والتي تفيد بسبق علم المدعي بالبيع في عام ... أي قبل رفع دعوى الشفعة بسنوات ولان افادة الشيخ ... الذي قيد المدعي الشفعة لديه كان قد حضر أمام هذه الشعبة وأكد بشهادته أن المدعي حضر اليه وطلب منه ان يقنع المدعى عليهم بشراء نصيبه في المواضع المدعى بها مثلما اشتروا من البائعين السابقين لكن المدعى عليهم افادوا بعدم قدرتهم على الشراء وبعد مدة عاد اليه المدعي يسأله عما فعل فأفاد بما حصل وذكر الشيخ انه لا يستطيع اجبارهم على الشراء ثم عاد المدعي الى الشيخ مرة ثانية وطلب منه تحرير ورقة قيد الشفعة. ولذلك فقد ظهر للشعبة تراخي المدعي عن طلب الشفعة وحيث ان ثبوت التراخي مسقط للشفعة وفقاً للمادة ( 1269) مدني فأن الحكم الابتدائي يستحق الالغاء) فلم يقنع المدعي الأصلي طالب الشفعة لم يقنع بالحكم الاستئنافي حيث قام بالطعن فيه بالنقض، إلا أن الدائرة المدنية رفضت الطعن واقرت الحكم الاستئنافي وقد ورد ضمن اسباب حكم المحكمة العليا ( ولما كان الحكم المطعون فيه قد صدر بناء على إجراءات صحيحة وفقاً للقانون واستند في قضائه الى شهادة الشهود بان الطاعن على علم بالشراء قبل طلب الشفعةبمدة حيث اعتمد الحكم المطعون فيه على تلك الشهادات التي تدل على تراخي المدعي الذي دلت عليه ايضاً شهادة الشيخ الذي منحه الافادة أمام محكمة أول درجة ولذلك فان الطعن قد افتقر إلى أي سبب من الاسباب المذكورة في المادة (292) مرافعات مما يستوجب رفضه) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ماهو مبين في الأوجه الأتية

 الوجه الأول : حصول العلم بالشراء ووقته وإثباته


 : يحصل العلم بالشفعة عن طريق حضور الشفيع مجلس البيع والشراء اما بصفته كاتباً لوثيقة الشراء أو شاهداً أو ساعيا او دلالا او مساحاً أو خبيراً أو مستشاراً أو حضوره مجلس العقد من غير أن تكون له صفة من تلك الصفات فمجرد حضور الشفيع مجلس البيع وسماعه لعبارات الانعقاد فأن العلم بالشراء يكون قد حصل ويتم إثبات حصول العلم ووقته في هذه الحالة بأية وسيلة بما في ذلك بصيرة الشراء المتضمنة اسم الكاتب والشهود والسعاة والمساحين وغيرهم كما يتم إثبات ذلك عن طريق شهادة الاشخاص الحاضرين مجلس العقد ولو كانت الشهادة بصيغة الاخبار كما يمكن إثبات ذلك عن طريق اقرار الشفيع بانه كان حاضراً مجلس العقد والقضاء في اليمن يقبل الشهادة على الاقرار ولو تم خارج مجلس القضاء أو جلسات المحاكمة حسبما ورد في الحكم محل تعليقنا، ويتم احتساب وقت حصول علم الشفيع ساعة انتهاء مجلس العقد حيث يحتسب ميعاد الشفعة من تاريخ انتهاء المجلس وانصراف اطراف المتعاقدين، كما يحصل علم الشفيع اذا لم يكن حاضراً مجلس العقد يحصل علمه بأية وسيلة ومنها اخباره شفويا من قبل اي ًشخص بان الشراء للأرض المشفوعة قد تم سواء أكان هذا الاخبار كتابة أم شفاهة وبعض القوانين العربية تشترط أن يتم العلم عن طريق اخطار خاص يتم توجيهه إلى الشفيع، اما القانون اليمني فلم يشترط حصول العلم بعد انتهاء مجلس العقد بطريقة الاخطار او غيره فيتحقق العلم باية طريقة سواء تم علمه عن طريق اخباره شفاهة أو كتابة وسواء اخبره بذلك البائع ام المشتري أم الشاهد أم الساعي أم غيرهم فالعبرة بحصول العلم والقدرة على إثباته حيث يتم إثبات حصول العلم في هذه الحالة بالشهادة أو الاقرار أو الكتابة أو القرائن القطعية مثل ظهور المشتري على الارض بمظهر المالك مثل قيامه بزراعتها او البناء عليها. وفي هذا المعنى نصت الفقرة (9) من المادة (1269) مدني على ان (تبطل الشفعة ويسقط حق الشفيع فيها بأحد الامور الأتية : -9- 

مبطلات الشفعة في القانون اليمني 

اولا:تراخي الشفيع الغائب عن مجلس العقد بعد علمه بشهادة كاملة على التصرف ولو بغير لفظ الشهادة أو تراخيه بعد علمه بالعقد بخبر يفيد الظن مدة تزيد على ما يمكنه فيه طلب الشفعة ما لم يكن معذوراً فمن وقت زوال العذر والقول قول الشفيع ان ادعى عدم حصول الظن وللمشتري تحليفه على ذلك). 

الوجه الثاني : القول قول الشفيع عند عدم إثبات علم الشفيع بالشراء

 : ذكرنا فيما سبق انه يجوز إثبات علم الشفيع بشراء الارض المشفوعة ووقت ذلك العلم حيث يجوز إثبات ذلك بأية وسيلة من وسائل الإثبات المقررة شرعاً وقانوناً، إلا أنه قد يتعذر على المشتري إثبات علم الشفيع ووقته وهذا يحدث في اليمن غالباً .ففي هذه الحالة قرر القانون أن القول في ذلك يكون للشفيع وانه يجوز للمشتري أن يطلب اليمين من الشفيع بانه لم يعلم بالشراء الا في وقت كذا حسبما ورد في نهاية الفقرة (9) من المادة (1269) مدني التي نصت على انه (والقول قول الشفيع اذا ادعى عدم حصول الظن وللمشتري تحليفه على ذلك) حيث قرر هذا النص ان الشفيع مصدق في قوله بانه لم يعلم بالشراء الا في الوقت الذي يدعيه كان يقول لم اعلم لالشراء الا في ساعة كذا أو في يوم وذلك في الحالة التي يعجز فيها المشتري عن إثبات حصول علم الشفيع ووقت ذلك العلم. الوجه الثالث : تطبيق قاعدة الاصل إضافة الحادث الى اقرب اوقاته في إثبات العلم بالشراء في الشفعة : من خلال مطالعة الحكم محل تعليقنا نجد أن الحكم الابتدائي قد استند إلى هذه القاعدة في القضاء بقبول قول الشفيع بعدم علمه بالشراء الا قبل رفعه لدعوى الشفعة ، ولذلك فان الامر يستدعي الاشارة الموجزة إلى المقصود بهذه القاعدة وتطبيقها في هذه الحالة، فنقول : ان الحادث هو الشيء الذي كان غير موجود ثم وجد فاذا وقع خلاف في زمان وقوعه وسببه فينسب الى الزمان القريب الا اذا ثبت نسبته الى زمان ابعد بوسيلة من وسائل الاثبات لان وقوع الحادث في القريب متيقن ووقوعه في البعيد مشكوك.، فلو أدعى المشتري ان الشفيع علم بالشراء في وقت سابق فلم يشفع في حينه ولم يثبت ذلك فالقول قول الشفيع بانه لم يعلم بذلك الا في وقت قريب لان حدوث علمه كان في الوقت القريب ولو أدعت الزوجة أن زوجها طلقها اثناء مرض الموت فقال الورثة انه طلقها في الصحة فالقول قول الزوجة لان الاصل اضافة الحادث الى اقرب أوقاته ولو وقع الخلاف في عيب المبيع فقال المشتري : كان العيب قديماً وقال البائع العيب حادث فالقول للبائع لان الأصل إضافة الحادث إلى اقرب أوقاته ولو رأى الرجل في ثوبه نجاسة فيعيد فقط اقرب صلاة لان الأصل إضافة الحادث إلى أقرب أوقاته (الأشباه والنظائر لابن نجيم ص64) والله اعلم.

في القانون اليمني الشفعة في القانون المدني اليمني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق