الاثنين، 10 أكتوبر 2022

الاقرار بفرع الثبوت

الإقرار بفرع الثبوت لا يكون إلا بالنسبة للموضوع الواحد أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء قضى الحكم محل تعليقنا بأن الاستدلال بفرع الثبوت لا يكون إلا بالنسبة للسبب الواحد – أي الموضوع الواحد اي ان تكون الواقعة الفرعية المثبتة بالإقرار متفرعة من أصل واحد وليس أصول متعددة ، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 23-12-2013م في الطعن رقم (52411)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((ان الحكم الاستئنافي لم يكن موافقاً من حيث النتيجة للشرع والقانون فيما علل به وأستند إليه لقضائه بإلغاء الحكم الابتدائي والحكم في الموضوع لصالح المستأنف ضدها حيث لم تبحث الشعبة أو تبين سند حكمها بتوفر سبب الشفعة، فما اثارته الشعبة بالإعتراف بفرع الثبوت فإن ذلك لا يكفي للقول بذلك، كون فرع الثبوت لا يثبت حكمه كدليل إثبات إلا في سياق السبب الواحد لا عند تعدد الأسباب))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية: الوجه الأول : ماهية الإقرار بفرع الثبوت في قانون الإثبات اليمني : عرف قانون الاثبات الاقرار في المادة (78) التي نصت على أن (الاقرار هو اخبار الانسان شفاهة أو كتابة على ثبوت حق لغيره على نفسه) ويندرج الاقرار بفرع الثبوت ضمن الاقرار الضمنيً،وقد بينت ذلك المادة (83) إثبات التي نصت على ان (يكون الاقرار صراحة باية عبارة تودي الى الاعتراف بالحق ،كما يكون ضمنيا كالإقرار بفرع يترتب على ثبوته بثبوت أصله كمن يقر بالطلاق فذلك يتضمن اقراره بالزواج)، فالاقرار الصريح في المثل الذي استشهد به القانون كان بشأن الطلاق حيث يفيد هذا الإقرار الصريح إقرارا اخر ضمنيا وهو الإقرار بوجود عقد الزواج، لان الطلاق شرعا وقانوناً لايقع الا على الزوجة بعقد صحيح، فالطلاق فرع من الزواج، لان الطلاق أثر من آثار عقد الزواج، فالاقرار الصريح والاقرار الضمني تناولا موضوع واحد وهو العلاقة الزوجية، وهذا قصد الحكم محل تعليقنا بقوله : لايكون الإقرار بفرع الثبوت الا في السبب الواحد وليس عند تعدد الاسباب، الوجه الثاني : معنى الاقرار بفرع الثبوت : معنى هذه القاعدة ان المقر لا يقر صراحة بالواقعة المدعى بها عليه وهي الواقعة الاصلية المدعى بها، ولكنه يقر بواقعة فرعية متصلة بالواقعة الاصلية، مثل أن تتقدم امرأة مدعية بزواج المدعى عليه أو المورث منها فيجيب الرجل أو ورثته بأنه قد طلقها، فالطلاق اثر من آثار علاقة الزوجية أي واقعة فرعية متفرعة من الواقعة الاصلية وهي الزواج، ولذلك فان اقرار الزوج بالطلاق وهو الفرع يعني اقراره بالواقعة الاصلية وهي الزواج. الوجه الثالث : قاعدة الاقرار بفرع الثبوت في الفقه الاسلامي : وردت هذه القاعدة بهذا اللفظ في متن الازهار للأمام المرتضى رحمه الله: (ويجب الحق بالاقرار بفرع ثبوته) وقد شرح هذه القاعدة ابن مفتاح بقوله : فالإقرار بما هو فرع لثبوت الشيء اقرار بثبوت ذلك الشيء، فمن قال قد قضيتك ما كان لك علي من دين او قال لمن ادعى عليه عيناً بعها مني أو نحو ذلك فهو بهذا القول قد اقر بان ذلك الشيء المدعى به للمدعي، فيجب استصحاب الحال والحكم على القائل بثبوت ما اقر بثبوته حتى يأتي بما ينقل عن هذا الاستصحاب، وهذا حكم شرعي لا يمكن اقامة العدل الا بإعماله لا بإهماله، لان الإهمال جور وظلم، ومن أمثلة الاقرار بالثبوت اقرار المدعى عليه بأن المدعي قد رد اليه الشيء محل النزاع فان هذا اقرار بفرع ثبوت يد المدعي على ذلك الشيء فيستصحب الحال في ثبوت يد المدعي حتى ينقل عليها ناقل صحيح (البحر الزخار 2/162) الوجه الرابع : قاعدة الاقرار بفرع الثبوت في القوانين العربية : هذه القاعدة معتبرة في القوانين العربية ولكنها ترد ضمن الاقرار الضمني، ويتناولها شراح القانون ضمن ما يسمى (بالاقرار المركب) حيث يقول استاذنا المرحوم أحمد أبو الوفاء في كتابه (الاثبات في المواد المدنية والتجارية ص216) يقول : (واما الاقرار المركب فهو كالاقرار الموصوف يشتمل على واقعة اصلية وواقعة اخرى مرتبطة بها وإنما نشأت بعد نشوء الواقعة الأولى الاصلية كاقرار المدين بالوفاء، فالاقرار المركب لا يتجزاء لان الواقعة المستجدة تستلزم حتماً وجود الواقعة الاصلية، فلا يتصور وفاء من غير مديونية ولا يتصور تجديد أو ابراء من غيرها). الوجه الخامس : فرع الثبوت لا يكون إلا في الموضوع الواحد: قضى الحكم محل تعليقنا بأن التمسك بالإقرار بفرع الثبوت لا يكون إلا في الموضوع الواحد، فالواقعة الفرعية التي تكون محلا للإقرار الصريح يجب أن تكون واقعة فرعية متفرعة من الأصل أو الموضوع الأصلي وبمعنى اخر يجب أن الفرع الذي يثبته الإقرار الصريح متفرع بالفعل من الأصل محل الإقرار الضمني، فلا يصلح ان يكون الإقرار في فرع لايتفرع من الأصل أو من أصل أو موضوع آخر، فمثلاً في القضية التي تناولها الحكم محل تعليقنا: كان الحكم الاستئنافي المنقوض كان قد أستدل بأن مطالبة المشتري الشفيع للمطعون ضدها بإخلاء العين المشفوعة إقرار بفرع الثبوت على أنها وارثة على الشيوع في العين المشفوعة، في حين ان مطالبة المشتري للمطعون ضدها بإخلاء العين فرع ثبوت أنها كانت تشغل العين المشفوعة قبل بيعها للمشتري من قبل أخيها، فليست هذه المطالبة فرع ثبوت بأنها وارثة ، فمثلا لاتكون مطالبة المطعون ضدها فرع ثبوت على أنها وراثة الا اذا كانت المطالبة صادرة من الورثة الآخرين وكان موضوع المطالبة مطالبة المطعون ضدها بدفع حصتها من تكاليف إصلاح الدار مثلا ، لأن الإقرار بفرع الثبوت لا بد أن يتصل بالأصل المقصود وهو إثبات ان المطعون ضدها وارثة ولابد ان يصدر هذا الإقرار من الورثة وليس من المشتري، كما وقع في القضية التي تناولها الحكم محل تعليقنا، إضافة إلى أن مطالبة المشتري للمطعون ضدها بالإخلاء ليس إقرار بأنها وارثة على الشيوع طالما أن القسمة قد تمت برضاها وتحررت الفصول التي حددت أن الدار صارت ملكاً لأخيها البائع، فليس هناك صلة بين الفرع والأصل محل الثبوت، فيجب أن يكون الفرع الذي تم الإقرار به متصلا بالموضوع الأصلي أو الأصل حتى يكون الإقرار بالفرع مثبتا للأصل، فلا يقبل الإقرار بفرع لم يتفرع من الأصل المراد إثباته عن طريق الإقرار بصحة الفرع أو الواقعة الفرعية، فلامجال للقول بالإقرار بفرع الثبوت اذا كانت الواقعة الفرعية متفرعة من أصول أو مواضيع أخرى أو أسباب أخرى حسبما قضى الحكم محل تعليقنا، والله اعلم . https://t.me/AbdmomenShjaaAldeen

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق