نفقة الطفل في القانون اليمني
نفقة الطفل المستقبلية لا تصلح عوضاً للخلع
أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين
الأستاذ
بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء
قضى الحكم محل تعليقنا بأن نفقة الطفل
المستقبلية لا تصلح ان تكون عوضاً أو مقابلا للخلع أو مقابلا لطلاق الزوج لأم الطفل
المحضون ، لان ذلك يعني أن الأم قد تنازلت عن نفقة ابنها المحضون المستقبلية، في
حين ان نفقة الطفل حق شرعي وقانوني للطفل المحضون وليس لأمه الحاضنة، حسبما قضى
الحكم الصادر عن الدائرة الشخصية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ
25/2/2013م في الطعن رقم (51324)، فقد قضى الحكم الاستئنافي: (-1- بإنتهاء القضية
المذكورة بالطلاق الخلعي من الزوج لزوجته مقابل تنازل والدها عما قضى به الحكم
الابتدائي من نفقة للطفلة وذهب الزوجة وذهب أمها الذي بذمة الزوج لهما - 2-التزام
والد الزوجة بعدم حصول مطالبة من ابنته أو امها بشيء مما قضى به الحكم الابتدائي،
ويعتبر المقابل جزءاً لا يتجزأ من العوض مقابل الطلاق ويحل ما ذكر آنفاً محل الحكم
الابتدائي موضوع الاستئناف فيما بين الزوجين المذكورين -3- على والد الطفلة تسليم
خمسة الاف ريال نفقة شهرية لإبنته المذكورة مضافاً إلى ذلك عشرة الاف ريالاً مقابل
كسوة في كل عام حتى تبلغ السن القانونية للتخيير المنصوص عليها في المادة (148)
أحوال شخصية ابتداءً من شهر...) ،وقد قضت الدائرة الشخصية بالمحكمة العليا بإقرار
الحكم الاستئنافي، وقد ورد ضمن أسباب حكم المحكمة العليا (فمن خلال الرجوع إلى
أوراق ملف القضية فقد وجدت الدائرة ان الطاعن قد نعى على الحكم الاستئنافي بالبطلان
لمخالفته الشرع والقانون فيما قضى به في البند (3) من منطوقه بإلزامه بدفع نفقة
مستقبلية لإبنته، مع ان التنازل من المطعون ضده وابنته كان شاملاً للنفقة
المستقبلية للطفلة ، ولكن الحكم الاستئنافي استثنى النفقة المستقبلية من التنازل
وحكم بها على الطاعن، والدائرة تجد أنه بالتأمل وإمعان النظر في حيثيات وأسباب
الحكم الاستئنافي فقد تبين أن الحكم الاستئنافي قد جاء موافقا للقانون فيما قضى به
بانتهاء القضية بين الطاعن والمطعون ضده وابنته بالطلاق الخلعي مقابل تنازل والدة
الطفلة ووالد ام الطفلة عن النفقة السابقة والذهب، أما النفقة المستقبلية فهي واجبة
على الأب الطاعن))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:
الوجه الأول: المقصود بالطلاق الخلعي: من المعلوم في الفقه الإسلامي ان هناك مدلول
خاص بكل مصطلح من المصطلحات الثلاثة: (الطلاق – والطلاق على مال – والخلع)، فلكل
مصطلح من هذه المصطلحات مدلولها الفقهي الخاص بها ، فالطلاق من غير عوض يقع بألفاظ
الطلاق الصريح والكنائية، وتسري عليه أحكام الطلاق بحسب حالته كالطلاق الرجعي
والبائن بينونة كبرى وصغرى حسبما هو مبسوط في كتب الفقه، أما الطلاق على مال فلا
يقول به إلا الحنفية وبعض الزيدية، ويقع هذا الطلاق بألفاظ الطلاق المقررة شرعاً
إلا أنه يكون مقابل مال، ولأنه على مال فيكون بائناً بينونة صغرى فلا يحق للمطلق
إرجاع الزوجة، لأن الزوجة ما دفعت المال إلا إتقاء رجعتها، أما الخلع فهو فرقة بين
الزوجين مقابل عوض من الزوجة سواء اكان العوض مالاً أو منفعة ولو كان مجهولاً حسبما
نصت عليه المادة (72) أحوال شخصية، ونصت المادة (74) أحوال شخصية على ان الخلع
يعتبر طلاقاً بائناً بينونة صغرى مالم يكن مكملاً للثلاث فبائناً بينونة كبرى،ويقع
الخلع بألفاظه المعتبرة شرعاً وهي المخالعة والمفاداة والمباراة والمسامحة، فلا يقع
الخلع بلفظ الطلاق، لأن الخلع له أحكام الخاصة التي تميزه عن الطلاق، اما مايتم في
الواقع العملي فإن الطلاق الخلعي يقع بتلفظ الزوج بلفظ الطلاق الخلعي مقابل المال،
حيث يقع هذا الطلاق بائناً بينونة صغرى، ففي الواقع العملي فإن ما يسمى بالطلاق
الخلعي قد حل محل الخلع لعدم وجود وثيقة أو نموذج للخلع، ولذلك فإن ما يسمى بالطلاق
الخلعي قد حل محل الخلع وقام مقامه في الواقع العملي، فعند إرادة الخلع يقوم الزوج
بالتفلظ بلفظ الطلاق، ويذكر انه قد طلقها طلاقا خلعيا، ويتم إثباته في الوثيقة
الرسمية على أنه طلاق خلعي ، وليس خلعا. الوجه الثاني: مقابل الخلع (العوض): سبق
القول بأن المادة (72) أحوال شخصية قد نصت: بأنه يجوز أن يكون مقابل الخلع منفعة أو
مالاً ولو كان مجهولاً، لذلك يجوز ان يكون مقابل الخلع تنازل الزوجة عما في ذمة
زوجها لها من نفقة أو ذهب أو مهر من غير حاجة لتحديد أو بيان وتفصيل لمقابل العوض،
وهذا يتفق مع مفهوم المبارأة والمسامحة كألفاظ من الألفاظ التي تقع بها الخلع، حيث
تعني المباراة والمسامحة ان الزوجة قد تنازلت عن كل ماهو لها بذمة زوجها لها من غير
تعداد اوبيان ، وقد تم الخلع في القضية التي تناولها الحكم محل تعليقنا على أساس ان
الزوجة ابرات زوجها من الذهب والنفقة والمبالغ التي بذمة الزوج لها ولأمها وكذا
نفقة الطفلة الماضية والمستقبلية مقابل ان يخلع الزوج الزوجة، وقد قبل الحكم محل
تعليقنا بإستثناء النفقة المستقبلية للطفلة المحضونة من التنازل، لأن النفقة حق
للصغير فلا يجوز للحاضنة ان تتنازل عن حق الطفلة المحضونة التي تتولى حضانتها، لأن
تنازل الحاضنة من التصرفات المضرة ضرراً محضاً بالطفل لذلك لايجوز التنازل عن نفقة
الطفل المستقبلية ، بخلاف التنازل عن نفقة الصغير الماضية لأنها قد صارت ديناً بذمة
والد الطفلة لعمه والد زوجته، لذلك فإن تنازل الأم ووالدها محله في الحقيقة هو
الدين المستحق للعم وابنته وليس النفقة الماضية للطفل التي قد استهلكها الطفل في
الماضي ، والله اعلم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق