المطالبة بالأرش أمام القضاء المدني اليمني
المطالبة بالأرش بغير الطريق الجنائي أ.د/ عبد المؤمن
شجاع الدين الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء يصرح قانون الجرائم
والعقوبات ان الأرش عقوبة، ولا شك ان هذه العقوبة لها طبيعة خاصة حيث انها تدفع
إلى المصاب وليس إلى الخزينة العامة وان هذه العقوبة لا يتم الحكم بها الا بموجب
تحقيق تجريه النيابة العامة تخلص فيه الى قرار اتهام، ووضعية عقوبة الأرش تثير
إشكاليات عدة منها المطالبة بالأرش أمام غير القاضي الجزائي، وقد اشار إلى هذه
المسألة الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة
بتاريخ 19/2/2013م في الطعن رقم (46817)، الذي قضى في أسبابه انه: ((بعودة
الدائرة إلى أوراق القضية فقد وجدت ان الطاعن قد نعى على الحكم المطعون فيه
مخالفته للقانون، وعند التأمل في أسباب الحكم المطعون فيه وأسباب الطعن فقد وجدت
الدائرة ان الحكم المطعون فيه قد جانب الصواب حينما قام بتكييف المطالبة بالأرش
بأنها جنائية وان النيابة هي المختصة برفع الدعوى الجزائية، فهذا القول تعليل
فاسد، لأنه من المعلوم قانوناً ان المطالبة بالأرش أو الحكم به طابعه مدني
باعتباره تعويضاً للمصاب، ومن ثم فما أستند إليه الحكم المطعون فيه ليس له أساس
قانوني يقوم عليه، فالحق العام لم يكن محل تحكيم ولم يفصل فيه المحكمان الأمر
الذي يستوجب معه الجزم بقبول الطعن بالنقض موضوعاً)) وسيكون تعليقنا على هذا
الحكم حسب ما هو مبين في الأوجه الأتية: الوجه الأول: ماهية الأرش: الأرش هو
عقوبة مقدرة عن الاصابات التي تلحق بالمصاب عمداً أو خطـًأ، حيث نصت المــادة(38)
عقوبات على ان ( العقوبات الاصلية احدى عشرة وهي:ـ 1ـ الاعدام ( القتل) حدا او
قصاصا او تعزيراً . 2ـ الرجم حتى الموت 3ـ القطع حدا 4ـ القصاص بما دون النفس 5ـ
الجلد حدا 6ـ الحبس 7ـ الدية 8ـ الارش 9ـ الغرامة . 10ـ الصلب في الاحوال التي
ينص عليها القانون . 11ـ العمل الالزامي ). كما نصت المــادة(70)على ان ( الدية
والارش عقوبة بديلة عن القصاص في احوال سقوطه على النحو المبين في الفصل السابق
وعقوبة اصلية في الاحوال التي ينص عليها القانون الشرعي فيما عدا ذلك) وخلاصة
الحقول أن الارش عقوبة. الوجه الثاني: صاحب الحق في الأرش: لا ريب ان صاحب الحق
في الأرش هو المجني عليه المصاب بالإصابة المقرر عنها الأرش، وفي هذا الشأن نصت
المادة (24) اجراءات على انه (يعتبر المجني عليه أو المدعي بالحق الشخصي أو
المدعي بالحق المدني خصما منضما للنيابة العامة في الدعوى الجزائية ومدعيا في
الدعوى المدنية المرتبطة بها. إذا كانت له طلبات ما) هذا إذا أختار المجني عليه
طريق القضاء الجنائي حيث ينبغي على المجني عليه المستحق للأرش في هذه الحالة أن
ينظم إلى النيابة وان يطلب من المحكمة الحكم له بالأرش الشرعي باعتبار الارش
عقوبة. فالأصل ان المطالبة بالأرش تكون من صاحب الحق بالأرش وهو المصاب، الذي
ينبغي عليه أن ينظم إلى النيابة أمام القضاء الجنائي على أساس ان الأرش عقوبة
مقررة على جريمة وقعت على المصاب، وهذه الجريمة تحتاج إلى تحقيق تقوم به السُلطة
المختصة بذلك وهي النيابة العامة، حيث يهدف التحقيق إلى التحقق من صحة الواقعة
والإصابة ونسبتها إلى المتهم ومن ثم تحريك للدعوى الجزائية امام القاضي الجزائي
والمطالبة بتوقيع العقوبة المقررة شرعا ومن ضمنها الارش الشرعي ،ومقتضى ذلك أن
المجني عليه المستحق للأرش لا يستطيع رفع دعواه امام القضاء المدني لأن الأرش
عقوبة . الوجه الثالث: مدى جواز التحكيم في الارش: اشار الحكم محل تعليقنا إلى
جواز التحكيم في الأرش باعتبار ذلك وإن كان حقا خاصا بالمصاب الا انه يجوز لصاحب
الارش أن يتنازل عنه او يعفو، وتبعاً لذلك يجوز التحكيم بالأرش ويجوز الحكم
بالأرش من قبل المحكم، لان قانون التحكيم قد اجاز التحكيم فيما يجوز الصلح فيه،
فالأرش يجوز الصلح فيه حسبما ورد في المادة (5) تحكيم التي نصت على انه (لا يجوز
التحكيم فيما يأتي: -أ- الحدود واللعان وفسخ عقود النكاح. ب- رد القضاة
ومخاصمتهم. ج- المنازعات المتعلقة بإجراءات التنفيذ جبراً. د- سائر المسائل التي
لا يجوز فيها الصلح. ه- كل ما يتعلق بالنظام العام.)،والله اعلم. https://t.me/AbdmomenShjaaAldeen
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق