الوصية الواجبة في القانون اليمني
الوصية الواجبة في القانون المدني اليمني
مدى استحقاق أبناء البنت للوصية الواجبة
أ.د/ عبد المؤمن شجاع الدين الأستاذ
بكلية الشريعة والقانون –
جامعة صنعاء
يثور في اليمن جدل واسع بشأن استحقاق أبناء
البنت للوصية الواجبة حيث تختلف الآراء بشأن هذا الموضوع في الفقه والقانون، ولا
شك أن هناك تطبيقات قضائية تظهر موقف القضاء بشأن هذا الموضوع حسبما يظهر في
الحكم محل تعليقنا وهو الحكم الصادر عن الدائرة الشخصية بالمحكمة العليا في
جلستها المنعقدة بتاريخ 17/3/2010م في الطعن الشخصي رقم (38940) لسنة 1430هـ ،
وتتلخص وقائع القضية التي تناولها هذا الحكم أن ابناء البنت تقدموا بدعوى أمام
المحكمة الابتدائية مفادها ان أمهم قد توفت اثناء حياة والدها وانهم فقراء
يستحقون الوصية الواجبة المقررة في القانون، فرد عليهم أخوالهم المدعى عليهم
بأنهم لا يستحقون الوصية الواجبة لانهم ليسوا فقراء، وبعد ان سارت المحكمة
الابتدائية في إجراءات نظر القضية توصلت إلى الحكم بعدم صحة الدعوى وعدم أحقية
المدعين للوصية الواجبة، فلم يقبل المدعون ابناء البنت بالحكم الابتدائي فقاموا
باستئنافه إلا أن الشعبة الشخصية رفضت الاستئناف موضوعاً وقضت بتأييد الحكم
الابتدائي معللة حكمها بأن النص القانوني المقرر للوصية الواجبة في قانون الأحوال
الشخصية لا يشمل ابناء البنت، فلم يقبل ابناء البنت بالحكم الاستئنافي فقاموا
بالطعن بالنقض في الحكم إلا أن الدائرة الشخصية رفضت الطعن وأقرت الحكم
الاستئنافي، وقد جاء في اسباب حكم المحكمة العليا ( بعد الاطلاع على الأوراق فقد
وجدت الدائرة الحكم المطعون فيه موافقاً للمادة (259) من قانون الأحوال الشخصية
التي لم تتعرض لذكر ابناء البنت، وحيث أن الحكم المطعون فيه قد استند في قضائه
إلى تلك المادة فان الحكم صحيح وأن الطعن في غير محله لان النص القانوني هو
الواجب التطبيق، ولذلك فلا مناص من رفض الطعن واقرار الحكم الاستئنافي) وسيكون
تعليقنا على هذا الحكم حسب ماهو مبين في
الاوجه الأتية :
الوجه الأول : الوضعية القانونية للوصية الواجبة لأبناء البنت :
كانت
المادة (259) من قانون الأحوال الشخصية قبل تعديلها عام 1998تنص على أنه (اذا
توفى شخص ذكراً كان أم انثى عن أولاد ابن غير وارثين له أو كانوا وارثين او موصى
لهم بقدر يقل عن ميراث ابيهم فيه لو كان حياً عند موته وكانوا فقراء أو أولاد بنت
من الطبقة الأولى والدهم فقيرً وكانوا فقراء ولم يقعدهم المتوفي أو يوصي لهم او
أوصى لهم بأقل من نصيب مؤرثهم فيه لو فرض حياً فيرضخ لهم من تركته بقدر نصيب
مورثهم لو فرض حياً أو ما يمكنه بشرط أن لا يتجاوز ذلك ثلث التركة واذا تعدد
الابناء المتوفون بنون وبنات على النحو المتقدم ذكره اشترك ابناؤهم وابناء البنات
من الطبقة الأولى في ثلث التركة كل بقدر نصيب أصله ويحجب كل أصل من ابناء الابناء
فرعه وتقدم الوصية الواجبة على غيرها من الوصايا الشرعية) وبموجب هذا النص كان
ابناء البنت من الطبقة الأولى يستحقون الوصية الواجبة ،وهذا النص هو الذي استند
اليه المدعون ابناء البنت في المطالبة بالوصية الواجبة من تركة جدهم لأمهم فلم
يكونوا يعلموا بان هذا النص قد تم تعديله عام 1998م حيث صارت تلك المادة تنص بعد
التعديل على أنه (اذا توفى أي من الجد أو الجدة عن ولده أو أولاده الوارثين وعن
أولاد أبن أو ابناء الابناء مانزلوا وكانوا فقراء وغير وارثين لوفاة ابائهم في
حياته وقد خلف خيراً من المال ولم يقعدهم فيرضح لهم مما خلفه بعد الدين كالتالي :
-1- لبنات الابن الواحدة أو اكثر مثل نصيب بنات الأبن الارثي مع بنت الصلب وهو
السدس
-2- للذكر من اولاد الابن الواحد اذا انفردوا أو مع اخوانهم بمثل نصيب
أبيهم لو كان حياً بما لا يزيد على الخمس
-3- اذا تعدد المتوفون من الابناء عن
أولاد لهم بنين وبنات فلكل صنف منهم مثل نصيب أبيهم لو كان حياً بحيث لا يزيد
مايرضح لمجموع الاصناف على الثلث، وفي كل هذه الثلاث الحالات يشترط أن لا تزيد
حصة الذكر أو الانثى الوحيد من اولاد المتوفين على حصة الذكر الواحد أو البنت من
أولاد الصلب والا ألغيت الزيادة واقتصر
لهم على ما يتساوون به مع أولاد أو بنات الصلب ويشترك المتعددون فيما يتعين
لهم لكل بقدر أصله وللذكر مثل حظ الانثيين ويحجب كل أصل فرعه لا فرع غيره وتقدم
هذه الوصية على غيرها من الوصايا الشرعية) وهذا النص المعدل هو الذي استند اليه
الحكم الاستئنافي في قضائه بعدم احقية ابناء البنت للوصية الواجبة على أساس أن
هذا النص صريح في قصر الوصية الواجبة على ابناء الابن دون ابناء البنت حسبما
ورد في النص المعدل صراحة.
الوجه الثاني :استبعاد ابناء البنت من الوصية الواجبة لم يكن موفقاً : من
وجهة
نظرنا فان تعديل
المادة (259) أحوال شخصية في عام 1998م واستبعاد ابناء البنت من الوصية الواجبة
وقصرها على ابناء الابن لم يكن موفقاً للاعتبارات الاتية : -1- أن هذا النص
نكوص وتراجع من القانون الذي كان قبل تعديل 1998م يقرر احقية ابناء البنت في
الوصية الواجبة -2- ليس هناك وجه شرعي لاستبعاد ابناء البنت من الوصية الواجبة
لان الفقهاء الذين ذهبوا الى القول بالوصية الواجبة وابرزهم أبن حزم الظاهري لم
يفرقوا بين ابناء الابن وابناء البنت -3- غالبية القوانين العربية لا تفرق بين
ابناء الابن وابناء البنت في استحقاقهم للوصية الواجبة ومن هذه القوانين
القانون المصري والقانون الكويتي والقانون العراقي وغيرها، ولذلك فإننا نوصي
المقنن اليمني بإعادة النظر في صيغة المادة (259) أحوال شخصية حتى تشمل الوصية
الواجبة ابناء البنت. الوجه الثالث : موقف الفقه الاسلامي من الوصية الواجبة
لأبناء البنت : يذهب بعض فقهاء الزيدية وفقهاء الحنفية والظاهرية الى تقرير
الوصية الواجبة لابناء البنت اذا يقم جدهم لأمهم بالوصية الاختيارية لهم، وقد
افتت دار الفتوى المصرية بأن ابناء البنت يستحقون الوصية الواجبة على أساس نصيب
أمهم الذي كانت سترثه لو لم تمت أو على اساس الثلث أيهما أقل، وسند القائلين
بشمول الوصية الواجبة لابناء البنت قوله تعالى { كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا
حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ
وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ } [سورة البقرة
180] فهذه الآية عامة لا تفرق بين ابناء الأبن أو ابناء البنت في استحقاقهم
للوصية الواجبة، والله اعلم .
https://adelaliabdo2016.blogspot.com
https://adelaliabdo2016.blogspot.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق