دعوى الشفعة في القانون اليمني
أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء
قضى الحكم محل تعليقنا بأن دعوى الشفعة تستلزم التحقق من صحة تملك الشفيع لسبب الشفعة وكذا التحقق من صحة عقد شراء المشتري المشفوع منه حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 10-10-2016م في الطعن رقم (58361)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((ان المعلوم قانوناً وقضاءً أن دعوى الشفعة تستلزم التحقق من صحة تملك الشفيع للسبب الذي يطالب به الشفعة في العين المشفوعة وصحة عقد شراء المشفوع منه للعين محل الدعوى، وهو ما قام به المحكم من خلال تطبيق بصيرتي الطرفين وفصل البائعة للطاعن بتروية العدلين المختارين من الطرفين))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية: الوجه الأول: أسباب الشفعة في القانون المدني اليمني
وشروط صحة شراء الشفيع
قضى الحكم محل تعليقنا بأنه يلزم عند نظر دعوى الشفعة التحقق من توفر سبب الشفعة
بالنسبة للمدعي طالب الشفعة وكذا التأكد من صحة عقد البيع الذي بموجبه اشترى
المشتري الأرض محل الشفعة، وهذا الأمر يقتضي الإشارة بايجاز إلى
أسباب الشفعة في القانون اليمني
وشروط صحة عقد بيع الأرض محل الشفعة إلى المشتري المشفوع منه،
وفي هذا الشأن فقد حددت المادتان (1256 و1257) مدني أسباب الشفعة وهي الخلطة في أصل
العين أو في حق الشرب ومجراه أو في الطريق، فإذا تحققت هذه الأسباب أو احدها جازت
الشفعة وان لم يتحقق احدها فلا يجوز طلب الشفعة، كما اشترطت المادة (1260) مدني
لصحة الشفعة ان يكون شراء المشفوع منه صحيح، فقد نصت هذه المادة على أنه: (يشترط
لصحة الشفعة ما يأتي: -2- ان تكون في عقد صحيح فلا تصح في عقد باطل ولا تصح بميراث
أو إقرار أو قسمة أو وصية أو هبة بغير عوض)، وقد حدد القانون المدني أركان وشروط
عقد البيع في المواد( من 451 إلى 520 )،
فاركان عقد البيع هي صيغة العقد وهي ( الإيجاب والقبول )والعاقدان وهما
البائع والمشتري، والمعقود عليه وهو المبيع ، فيجب أن تتوفر في عقد بيع الأرض
المشفوعة أركان عقد البيع وشروطه المقررة قانوناً، والمذكورة تفصيلا في المواد
السابق الإشارة إليها، ولذلك لاحظنا أن الحكم محل تعليقنا قد قضى بأنه: عند نظر
دعوى الشفعة يجب التحقق من وجود سبب الشفعة وكذا التحقق من صحة شراء الأرض
المشفوعة.
الوجه الثاني: كيفية التحقق من توفر سبب الشفعة بالنسبة لطالب الشفعة عند نظر
دعوى الشفعة
تكمن القيمة العلمية للحكم محل تعليقنا في أنه قد أرشد إلى كيفية التحقق من توفر
سبب الشفعة بالنسبة لطالب الشفعة عند نظر دعوى الشفعة ، فقد أرشد الحكم إلى أنه يجب
ان يتم التحقق من ذلك على مرحلتين: الأولى: مرحلة الفحص المستندي لوثائق ملكية طالب
الشفعة، فقد أشار الحكم محل تعليقنا إلى أنه ينبغي دراسة مستندات ملكية طالب الشفعة
للتأكد من صحة وسلامة تلك الوثائق ومعرفة مساحة الأرض التي يملكها وحدودها وتاريخ
وثيقة الملكية وكاتبها وعلاقة الوثيقة وصلتها بالأرض المشفوعة ومقارنة بياناتها مع
بيانات وثيقة بيع الأرض المشفوعة إلى المشتري المشفوع منه ، وبعدئذٍ يتم الشروع في
المرحلة الثانية: الانتقال والمعاينة لتطبيق مستندات ملكية الشفيع على الواقع
للتأكد من تطابق وثائق الملكية مع الواقع العملي والتأكد مما إذا كانت الأرض بحوزة
طالب الشفعة وصلة الأرض سبب الشفعة بالأرض المشفوعة حسبما أشار الحكم محل تعليقنا ،
فالتحقق من توفر سبب الشفعة هو أهم اجراء من إجراءات نظر دعوى الشفعة، فهو الإجراء
الاولي .
الوجه الثالث: كيفية التحقق من صحة شراء الشفيع للعين المشفوعة
اشترطت المادة (1260) مدني صراحة لصحة الشفعة أن لا يكون عقد بيع الأرض المشفوعة
إلى المشتري باطلاً، ويكون هذا العقد باطل اذا تخلف اي ركن أو شرط من شروط عقد
البيع حسبما سبق بيانه، ولذلك يجب عند نظر دعوى الشفعة التحقق من توفر أركان عقد
البيع وشروطه المنصوص عليها تفصيلا في القانون المدني، لأن الشفعة لا تصح إلا إذا
كان عقد بيع الأرض المشفوعة إلى المشتري المشفوع منه عقدا صحيحا فلايكون هذا العقد
صحيحا الا اذا فتوفرت فيه أركان وشروط عقد البيع ً، والتحقق من توفر أركان البيع
وشروط صحته في هذه الحالة يقتضي دراسة وفحص وثيقة شراء المشتري في ضوء أحكام البيع
المقررة في القانون المدني، وفي كل الأحوال فأنه بعد التحقق من فحص مستندات ملكية
الشفيع وعقد بيع الأرض إلى المشفوع منه، فأنه يجب الانتقال إلى الأرض المشفوعة
لتطبيق المستندات على الواقع بنظر الخبراء العدول المختارين من الشفيع والمشفوع منه
على الواقع للتحقق من وجود
سبب الشفعة في القانون اليمني على الواقع، والله اعلم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق