مدونه تعنى بنشر احكام في القانون اليمني استشارات قانونية مجانية في جميع احكام القانون اليمني مسائل وأحكام في القانون اليمني
الاثنين، 9 يناير 2023
فسخ عقد النكاح لغياب الزوج في القانون اليمني
إشكالية فسخ الزواج لغياب الزوج في القانون اليمني أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء هنالك إشكاليات حقيقة تظهر في
إجراءات التقاضي لفسخ الزواج لغياب الزوج لاسيما ان النيابة العامة في اليمن
لاتتدخل وجوبا في دعوى الفسخ للغياب، فتتم الإستعاضة عن تدخل النيابة بإعلان
الزوج الغائب الذي موطنه مجهول عن طريق النشر في الجريدة وبعد ذلك تتم مباشرة
اجراءات نظر الدعوى في مواجهة منصب يكتفي بالانكار ،حيث قد حدث بالفعل أن تفاجا
بعض الازواج بأن زوجاتهم (الحانقات أو الناشزات) قد فسخن زواجهن بل وتزوجن
باخرين!!!!وسوف نشير إلى هذه الاشكاليات في سياق تعليقنا على الحكم الصادر عن
الدائرة الشخصية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 30/7/2018م في الطعن
رقم (61472)، حيث تقدمت الزوجة بدعوى طلبت فيها فسخ زواجها من زوجها الغائب الذي
قالت : انها لا تعلم مكانه، حيث قامت المحكمة الابتدائية بالتنصيب عنه حيث تمت
بعض الإجراءات في مواجهة المنصب ثم حضر محامي الزوج الغائب الذي افاد بان الزوج
سافر بعلم الزوجة إلى دولة... ومنها إلى دولة... للحصول على جنسية الدولة الآخيرة
وان الزوج والزوجة قد اتفقا على ذلك مسبقاً لتحسين مستوى معيشة الأسرة، وان الزوج
يرسل إلى الزوجة مبالغ مالية كافية في فترات منتظمة عن طريق الكريمي، وقدم
المحامي كشوفات الحساب الصادرة عن الكريمي للإستدلال على ذلك، فقدمت الزوجة إفادة
من مصلحة الجوازات والهجرة بان الزوج لم يدخل إلى اليمن من المنافذ الرسمية خلال
السنتين السابقتين للدعوى، وقد توصلت المحكمة الابتدائية إلى الحكم بفسخ عقد نكاح
المدعية من عصمة المدعى عليه لغيابه عنها لمدة تزيد على سنتين ثم قضت الشعبة
الاستئنافية بتأييد الحكم الاستئنافي، وقد سببت الشعبة الاستئنافية لحكمها بانه
(لما كان القانون قد اجاز لزوجة الغائب في مكان مجهول أو خارج الوطن فسخ عقد
نكاحها بعد إنقضاء سنة واحدة لغير المنفق وبعد سنتين للمنفق وان المستأنف لم يأت
بجديد في إستئنافه) وفي التاريخ المشار اليه اعلاه أقرت الدائرة الشخصية الحكم
الاستئنافي، وقد ورد ضمن أسباب حكم المحكمة العليا (إما من حيث الموضوع فقد ناقشت
الدائرة تفاصيل ما ورد في أوراق القضية حيث وجدت ان حكم الاستئناف موافق للشرع
والقانون لما علل به وأستند إليه في قضائه بتأييد الحكم الابتدائي بجميع فقراته
إلى آخر ما جاء في المنطوق) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في
الأوجه الأتية:
الوجه الأول: السند القانوني للحكم محل تعليقنا: أستند الحكم إلى المادة
(52) أحوال شخصية التي نصت على انه (1- لزوجة الغائب في مكان مجهول أو خارج الوطن
فسخ عقد نكاحها بعد إنقضاء سنة واحدة لغير المنفق وبعد سنتين للمنفق على ان تنصب
المحكمة الأقرب فالأقرب ليتمكن من إعلان الغائب في محل معلوم في ظرف شهر بأي
وسيلة) ،ومن خلال مطالعة وقائع الحكم محل تعليقنا نجد ان الزوجة المدعية قد أدعت
ان زوجها غائب في مكان مجهول لا تعلمه الزوجة وانه لا ينفق عليها لمدة سنتين.
الوجه الثاني: المقصود بغياب الزوج في الفسخ للغياب: صياغة النص القانوني السابق
ذكره في هذه الجزئية أفضل من الصيغ المماثلة في كثير من قوانين الأحوال الشخصية
العربية، فالمقصود بغياب الزوج في النص السابق ذكره هو غياب الزوج عن منزل
الزوجية الذي ترك زوجته فيه، ولذلك فان مفهوم الغياب في القانون اليمني مفهوم
واسع، فالزوج يكون غائباً طالما انه قد انقطع عن منزل الزوجية للمدة المذكورة في
النص حتى لو كان من الثابت يقينا انه موجود في المدينة التي يوجد بها منزل
الزوجية فالعبرة بغياب الزوج عن منزل الزوجية، ولذلك فان النص القانوني المشار
اليه عام وشامل يشمل الفسخ لهجر الزوج الزوجة ولو الزوج موجودا في الدولة أو
المدينة ويشمل أيضا الفسخ لغياب الزوج خارج الدولة، في حين ان بعض القوانين
العربية كالمصري تنص على ان الفسخ لغياب الزوج لا يقع إلا إذا كان الزوج غائب في
دولة أخرى غير مصر التي يقع بها منزل الزوجية غير ان الزوجة في تلك القوانين
تستطيع طلب فسخ عقد زواجها بموجب مادة اخرى ولسبب اخر غير الغياب وهو الفسخ للهجر
وليس الغياب, لأن الفسخ للهجر يكون إذا كان الزوج موجوداً في الدولة التي يقع
فيها منزل الزوجية(فسخ الزواج،ا.د.عبد المؤمن شجاع الدين،ص223 ). الوجه الثالث:
مدة الغياب التي يجوز للزوجة طلب الفسخ عند إنقضائها: حدد النص القانوني السابق
ذكره هذه المدة بانها سنة لغير المنفق أو سنتان للمنفق، وبما ان المدة المحددة
بالسنة والسنتين فانه يجب ان تكون هذه المدة متصلة غير متفرقة، فإذا كان الزوج قد
حضر إلى منزل الزوجية وبات فيه فان مدة الغياب تستأنف من اليوم التالي لمغادرته
منزل الزوجية وكذلك الحال إذا حضر إلى منزل أهل الزوجة الذي تقيم فيه الزوجة وطلب
إنتقال أو رجوع الزوجة إلى منزل الزوجية فرفضت ذلك، ولذلك فقد لاحظنا ان الحكم
محل تعليقنا قد قضى بفسخ الزواج لثبوت غياب الزوج لمدة سنتين متواصلة وعدم حضوره
إلى منزل الزوجية خلال هذه الفترة مع ان الزوج كان ينفق على الزوجة خلالها لكنه
ثبت للمحكمة أن الزوج كان خارج اليمن خلال السنتين السابقتين لرفع الدعوى. الوجه
الرابع: التنصيب عن الزوج الغائب: من خلال مطالعة النص القانوني السابق نجد ان
إعلان الزوج الغائب في مكان معلوم سواء داخل اليمن أو خارجها يتم عن طريق المنصب
القريب الاقرب للغائب، والإعلان بهذه الطريقة يعد إستثناء من القواعد العامة
للإعلان المتبعة في الدعاوى الأخرى حيث يتولى القريب الاقرب إعلان الزوج الغائب
خلال مدة اقصاه شهر من اليوم التالي لتنصيبه،ويجوز القريب إعلان قريبه الزوج بأية
طريقة هاتفيا أو عن طريق إرسال الإعلام بالواتس اوغيره لأن النص قد اجاز القريب
إعلان الزوج الغائب بأية طريقة حسبما ورد بالنص السابق، فإذا تعذر على القريب
المنصب ذلك فلامناص من قيام القاضي بإتباع القواعد العامة في الإعلان شريطة أن
يثبت القاضي هذا التعذر في محضر الجلسة، أما إذا كان موطن الزوج الغائب مجهولا
حسبما ورد في النص ففي هذه الحالة يجب على القاضي إتباع القواعد العامة في إعلان
من ليس له موطن معلوم حيث يتم إعلان الزوج الغائب عن طريق النشر في جريدة واسعة
الانتشار ،فيفترض عند النشر أن الزوج قد اطلع على الاعلان المنشور في الجريدة وإن
لم يكن قد طالعه في الجريدة او كان لايجيد القراءة فان أحد اقرباء الزوج الغائب
او اصدقاوه قد طالع ذلك الإعلان فاخبر أو اعلم الزوج الغائب بذلك الاعلان، لأن
إفتراض العلم بالاعلان المنشور في وسائل الإعلام يقوم على هذا الاساس(فسخ
الزواج،ا.د.عبد المؤمن شجاع الدين،ص 222 ) إلا أن الواقع العملي يشهد بأن إعلان
الزوج الغائب الذي موطنه مجهول عن طريق النشر في الجريدة له مخاطره واثاره
المدمرة حيث قد حدث بالفعل في بعض الحالات ان الزوجة بحسبان الزوج ناشزة (حانقة)
في بيت أهلها فإذا بالزوج بعد حين يفاجا بأن زوجته قد فسخت زواجها منه بل وتزوجت
غيره، وقد حدث هذا بالفعل، وقد سبق لنا أن اوصينا في كتابنا فسخ الزواج بوجوب
تدخل النيابة العامة في دعاوي الفسخ للغياب إلا أن معالجة تعديلات قانون
المرافعات في (يناير2021)في هذا الموضوع كانت مخيبة للآمال، حيث جعلت النيابة
مجرد وسيط بين المحكمة الابتدائية والمحكمة العليا حيث يقتصر دور النيابة على رفع
الحكم إلى المحكمة العليا، أما إجراءات التقاضي السابقة لصدور الحكم وهي محل
الاشكالية فان النيابة العامة لاتتدخل فيها حيث تتم هذه الاجراءات في مواجهة منصب
يتكفي بإنكار الدعوى، فيتم التنصيب عن الزوج الغائب فيما يتعلق بالرد على دعوى
الفسخ ومباشرة إجراءات التقاضي بمقتضى القواعد العامة في التنصيب المنصوص عليها
في قانون المرافعات من غير تدخل النيابة،علما بأن كل قوانين الاحوال الشخصية
العربية تنص صراحة على تدخل النيابة العامة الوجوبي في كل دعاوي فسوخ الزوج،
ولخطورة هذه الدعاوي وتعلقها بالابضاع التي لها خصوصيتها في الشريعة الاسلامية
والقيم اليمنية الاصيلة فقد نص قانون المرافعات على أن تتدخل النيابة على سبيل
الجواز في دعاوى فسوخ الزواج إلا أنه لم يحدث قط أن تدخلت النيابة في دعوى من
دعاوي الفسخ لأن التدخل جوازي،وقد كانت إشكالية الفسخ لغياب الزوج هاجسا لدى قضاة
اليمن المتقدمين والمتاخرين بسبب إجمال النصوص، فقد كان القضاة المتقدمون يلزموا
المرأة طالبة الفسخ لغياب زوجها بالصيام ثلاثة ايام شريطة ان تحضر للمحكمة في
اليوم الثالث صائمة فتحلف يمين الإستظهار على صحة دعواها. . الوجه الخامس: إثبات
غياب الزوج: الزوجة طالبة الفسخ في مركز المدعي، ولذلك يتحتم عليها وفقاً للقواعد
العامة في الإثبات ان تثبت غياب زوجها للمدة المقررة في النص، فلم يرد في النص
القانوني السابق إستثناء الزوجة من قواعد الإثبات العامة في هذا الشان، وفي
الغالب يسهل على الزوجة إثبات غياب زوجها عن منزل الزوجية، حيث تستطيع إثبات ذلك
بكافة طرق الإثبات المختلفة، وفي بعضىالحالات يكلف القاضي المحنك الزوجة إثبات
غياب زوجها عن طريق إفادات الجهات المختصة قانوناً مثل القاضي الذي حكم في القضية
محل تعليقنا حيث طلب من مصلحة الجوازات والهجرة إفادة رسمية حيث افادت
المصلحة:بانه منذ مغادرة الزوج بتاريخ....لليمن لم يدخل إلى اليمن من أي المنافذ
الرسمية خلال أكثر من سنتين من تاريخ مغادرته، ويقوم بعض القضاة بتكليف عاقل
الحارة الذي يوجد في نطاق إختصاصه منزل الزوجية بالإفادة عن مدى غياب الزوج
المدعى عليه وتتم المصادقة على إفادة عاقل الحارة من قبل قسم الشرطة، حيث توفر
هذه الافادات الاطمئنان بأن الزوج غائب بالفعل وليس اسيرا لدى الأعداء وليس
مفقودا وان الزوجة ليست (حانقة) في بيت أهلها. الوجه السادس: إثبات عدم الأنفاق:
لا يلزم الزوجة طالبة الفسخ للغياب ان تثبت عدم الانفاق، لانها متمسكة بالعدم
،والأصل العدم، فمن يدعي خلاف الأصل هو الذي يجب عليه ان يثبت الانفاق، وقد صرحت
المادة (154) أحوال شخصية على ان (القول للزوجة في نفي الانفاق في الماضي) وذلك
ينقل عبء الإثبات من عاتق الزوجة إلى عاتق الزوج، فعليه إن اراد ان يثبت قيامه
بالأنفاق مثلما حصل في القضية التي تناولها الحكم محل تعليقنا حيث نفت الزوجة
الإنفاق فقام الزوج بإحضار كشوفات الكريمي التي تثبت ان الزوج كان يرسل لزوجته
المدعية مبالغ مالية كافية في فترات منتظمة، ومع ذلك فقد قضى الحكم محل تعليقنا
بفسخ الزواج، لان القانون قد اجاز الفسخ للغياب حتى لو كان الزوج ينفق على زوجته
طالما انه غائب عنها لمدة سنتين حسبما قضى الحكم محل تعليقنا،والله اعلم.
https://t.me/AbdmomenShjaaAldeen
مدونه تعنى بنشر احكام في القانون اليمني استشارات قانونية مجانية في جميع أحكام القانون اليمني
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق