مدونه تعنى بنشر احكام في القانون اليمني استشارات قانونية مجانية في جميع احكام القانون اليمني مسائل وأحكام في القانون اليمني
الاثنين، 9 يناير 2023
تقرير المعمل الجنائي في اثبات خط كاتب المحرر
حجية تقرير المعمل الجنائي في إثبات أو نفي خط كاتب البصيرة أ.د/ عبدالمؤمن شجاع
الدين الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء إصطناع البصائر القديمة صناعة
مزدهرة ورائجة في اليمن، ويتم التعرف على ما إذا كانت البصيرة القديمة مصطنعة في
الوقت الحاضر عن طريق المضاهاة بين الخطوط بنظر المعمل الجنائي للتأكد من خط كاتب
البصيرة وكذا تحديد عمر البصيرة وعمر الخط، ولا شك ان لتقرير المعمل الجنائي حجيته
الرسمية والفنية في إثبات خط كاتب البصيرة أو نفيه حسبما قضى الحكم الصادر عن
الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 14-3-2016م في الطعن
رقم (57526)، حيث ورد في الحكم الاستئنافي: ((وحيث أنه كان أمام الشعبة اصلان
لبصيرة مالك الأرض أصل بيد ورثته يؤكد عدم بيعه للأرض المحكية فيها وأصل آخر مماثل
بيد المستأنف ضده يدعي بموجبه أنه اشترى الأرض المذكورة في البصيرة من المالك اثناء
حياته، والاصلان مختومان بختم الأمين، ولكن الخط مختلف، وحيث ان ختم الكاتب لازال
لدى أولاد الكاتب، وحيث أن الكاتب قد مات فيتعذر الرجوع إليه، فقد احالت الشعبة
بصيرة شراء المستأنف ضده إلى المعمل الجنائي الذي افاد بان تلك البصيرة ليست بخط
الكاتب المنسوبة إليه وذلك بموجب التقرير المقدم للمحكمة من الإدارة العامة للأدلة
الجنائية رقم.... وتاريخ....، لذلك فإن الشعبة لم تطمئن إلى هذه البصيرة، ولذلك فقد
تأكد للشعبة صحة البصيرة الأخرى التي يتمسك بها الورثة المستأنفون ، فالمبيع فيها
لم ينتقل إلى المستأنف ضده )) وقد أقر حكم المحكمة العليا الحكم الاستئنافي، وجاء
ضمن أسباب حكم المحكمة العليا: ((فقد تبين للدائرة ان الشعبة قد بذلت جهدها في بحث
الموضوع واحالت البصيرة إلى المعمل الجنائي الذي اثبت في تقريره إختلاف الخط الذي
كتبت به بصيرة الشراء التي بيد الطاعن عن خط الكاتب المنسوبة إليه كتابة تلك
البصيرة ولما كان من المقرر ان الدليل إذا تطرق إليه الاحتمال سقط به الاستدلال،
وحيث ان من المعلوم ان تقرير الخبير الذي اطمأنت إليه المحكمة دليل من أدلة
الإثبات، فإن ما ذهبت إليه محكمة ثاني درجة فيما قضت به كان صواباً لما عللت به من
أسباب سائغة لها ما يسندها من الواقع والقانون))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم
حسبما هو مبين في الأوجه الأتية: الوجه الأول: ظاهرة تزوير البصائر في اليمن: من
الظواهر الشائعة ظاهرة تزوير البصائر أو وثائق الملكية العقارية، حيث يباشر التزوير
في الغالب أشخاص معروفون ومشهورون في كل حي وقرية تعرفهم الجهات المختصة وتتساهل
معهم كما يعرفهم الأفراد معرفة تامة، ويباشر هؤلاء اعمال التزوير بصورة شبة علنية،
لأن قانون الجرائم والعقوبات قد تساهل في تجريمه للتزويرفي المحررات وفي العقوبة
المقررة على التزوير في المحررات العرفية، ولخطورة هذه الظاهرة فقد شرعت الدولة في
الاونة الأخيرة في إتخاذ بعض التدابير والإجراءات في محاولة منها لمحاصرة هذه
الظاهرة الخطيرة إلى حد أن السلطة القضائية قد اناطت الاختصاص بنظر جرائم التزوير
في المحررات العقارية للمحكمة الجزائية المتخصصة. الوجه الثاني: طرق التزوير في
المستندات العقارية ومنها البصائر: غالباً ما يتم تزوير وثائق الملكية العقارية عن
طريق إصطناع هذه الوثائق بعد معرفة الجاني المزور لاسم الموضع المطلوب تزوير أو
إصظناع بصيرته والملاك السابقين للموضع ومساحة الموضع وتواريخ التصرف في الموضع
واسماء الشهود في الوثائق وحدود الموضع أو الأرض المبيعة حيث يتم التركيز بصفة خاصة
على الوثيقة الأخيرة التي يتمسك بها الحائز مثلما حصل في القضية التي تناولها الحكم
محل تعليقنا حيث يتحقق الجاني المزور من كاتب البصيرة وتأريخ تحريرها واسم البائع
ومساحة المبيع وأسماء حدود المبيع وشهود المبيع وثمنه ، وبعد تعرف الجاني المزور
على هذه البيانات يقوم باصطناع وثيقة مزورة مثلما حصل في البصيرة التي اشار إليها
الحكم محل تعليقنا حيث تم اصطناع بصيرة تحكي بيع المالك للأرض، ولذلك نلاحظ ان
غالبية اليمنيين يخفي ويتكتم على مستنداته العقارية خشية الإطلاع على بياناتها ومن
تسهيل تزويرها وإصطناع وثائق مماثلة له، والاصطناع للوثائق أو البصائر هو الشائع في
اليمن، ولذلك فأنه من النادر ان يتم التزوير في البصيرة الأصلية ذاتها عن طريق
الحشر اوالإضافة في البصيرة الأصلية الحقيقية عن طريق تعديل بعض البيانات المهمة
كمساحة الأرض وحدودها. الوجه الثالث: الخبرة الفنية والتقنية للإدارة العامة للأدلة
في اكتشاف تزوير البصائر: اكتشاف التزوير في البصائر في غالب الأحيان يحتاج إلى
خبرة فنية لتحديد عمر البصيرة المدعى بتزويرها وبيان تاريخ الكتابة على البصيرة
خاصة عندما تكون البصيرة المشكوك فيها قديمة، وتقوم الإدارة العامة للأدلة
بالمضاهاة بين الخط المثبت في الورقة المشكوك في تزويرها والكتابة المثبتة في
المحررات الصحيحة النسبة للكاتب، حيث تقوم الأجهزة المتوفرة في الإدارة العامة
للأدلة بتكبير الخطوط بواسطة شاشات ضوئية كبيرة تظهر فيها الكتابة مكبرة جدا حيث
تظهر مقاسات الخطوط وطريقة كتابة الحروف وسماكة الخط وحركة الخط وما إذا كان الخط
قديما أو حديثاً، وقد لاحظنا أن الحكم محل تعليقنا قد أشار إلى ان الإدارة العامة
للأدلة الجنائية قد أكدت في تقريرها ان البصيرة التي كان يتمسك بها الطاعن مصطنعة
من خلال وضعها في الجهاز وتكبيرها في الشاشات وتكبير بصيرة أخرى صحيحة النسبة
للكاتب،
حيث ظهر من خلال المضاهاة والمقارنة بين الخطوط ان الخط مختلف بين البصيرتين، وان
البصيرة التي يتمسك بها الطاعن ليست بخط الكاتب أي انها مصطنعة أو مزورة. الوجه
الرابع: التعرف على الخط عن طريق كاتب الوثيقة أو أبنائه أو الغير : إذا كان كاتب
البصيرة ما زال على قيد الحياة فإن المحكمة تقوم باستدعائه للإفادة عما إذا كان
الخط في البصيرة المشكوك فيها هو خطه، لأن إفادة الكاتب نفسه أقوى في دلالتها من
القرائن بما فيها تقرير الخبرة، وقد لاحظنا أن الحكم محل تعليقنا لم يقم بإستدعاء
الكاتب لأنه كان قد مات، كما أن المحكمة لم تقم بسؤال ابناء الكاتب عما إذا كان
الخط في البصيرة التي يتمسك بها الطاعن هو خط ابيهم، لأن اصابع الاتهام والشك
كانت تتجه إلى ضلوع أحد ابناء الكاتب في اصطناع تلك البصيرة لأنها كانت مختومة
بختم الكاتب الميت الذي احتفظ به ابناءه، وكذا يتم التعرف على خط الكاتب عن طريق
المعرفين بالخط وهم الأشخاص الذين لهم علاقة وصلة وتعامل بالمحررات في منطقة
الكاتب الذين يشهدون أنه من خلال مشاهداتهم الكثيرة للمحررات المكتوبة بخط الكاتب
ان الخط في البصيرة المشكوك فيها هو خط الكاتب أو ليس خطه، ومع ذلك فلا حرج ولا
تثريب على الحكم محل تعليقنا لقيامه بالتعرف على الخط عن طريق الخبرة الفنية
للإدارة العامة للأدلة وفقا للمادة (122) إثبات التي نصت على أنه( اذا انكر الخصم
صدور السند منه و انكر توقيعه عليه او انكر ذلك وارثه او خلفه على الوجه المبين
في المادة (104) كان للخصم المتمسك بالسند ان يثبت صدوره من خصمه بالبينة الشرعية
ويجوز اثبات صدور السند من الخصم عن طريق تحقيق الخطوط بشهادة خبيرين فنيين عد
لين او اكثر) . الوجه الخامس: حجية تقرير الإدارة العامة للأدلة الجنائية بشأن
تزوير مستندات الملكية العقارية وغيرها: الإدارة العامة للأدلة أو المعمل الجنائي
هو الجهة الرسمية المختصة بتحقيق الخطوط ومضاهاتها وبيان مدى نسبة الخطوط للأشخاص
وبيان خصائص الخطوط واعمارها واعمار الوثائق المكتوبة، وبناء على ذلك فإن تقرير
المعمل الجنائي محرراً رسمياً له حجيته الثبوتية المقررة للمحررات الرسمية لصدوره
من جهة رسمية ومن موظفين عموميين مختصين ، ومن جانب آخر فإن تقرير المعمل الجنائي
يتضمن الرأي الفني في المسألة الفنية الدقيقة التي استعصى على القاضي الوقوف على
حقيقتها، ولذلك فإن لتقرير المعمل الجنائي حجيته الفنية في الإثبات بإعتباره من
أعمال الخبرة ضمن طرق الإثبات المقررة في قانون الإثبات ، وقد أجاز قانون الإثبات
الاستعانة بأعمال الخبرة في تحقيق الخطوط حسبما سبق بيانه، ولذلك تركن إلى
التقرير محكمة الموضوع عندما تكون المسألة فنية دقيقة يتعذر على القاضي فهم
حقيقتها، فعندئذٍ يستند القاضي إلى التقرير، لأنه لايحق للقاضي ان يحل نفسه محل
الخبراء، أما إذا لم تكن المسألة الفنية دقيقة فإن القاضي هو خبير الخبراء، أما
قانون الإثبات فقد صرح أن محكمة الموضوع ليست ملزمة بأن تأخذ بتقرير أعمال
الخبرة، لكن القانون الزم المحكمة بأنها إذا رأت أن تعمل على خلاف ما توصل إليه
التقرير أن تبين أسباب ذلك، وفي هذا المعنى نصت المــادة(173) إثبات على أنه(
للمحكمة ان تاخذ بتقرير الخبراء او الخبير الذي تطمئن اليه مع بيان الاسباب اذا
خالف التقرير الذي اخذت به تقريرا آخرا ولها ان تستمع الى مناقشات الخصوم في شان
التقارير المقدمة وملاحظاتهم عليها وان تكلف الخبير او الخبراء مرة اخرى
لاستكمالها او تصحيحها اذا لزم الامر او ترفض طلبات الخصوم) والله اعلم .
https://t.me/AbdmomenShjaaAldeen
Labels:
مسائل وأحكام في الاثبات
مدونه تعنى بنشر احكام في القانون اليمني استشارات قانونية مجانية في جميع أحكام القانون اليمني
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق