الجمعة، 28 أبريل 2023

المسؤولية الجنائية لسائق السيارة عن سقوط الراكب عند نزولة

المسؤولية الجنائية لسائق السيارة عن سقوط الراكب عند نزولة 

مدى مسئولية حائز السيارة عن سقوط الراكب عند نزوله منها

أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين 
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء
نقل الركاب عن طريق سيارات الأجرة عقد نقل أشخاص، وبموجب هذا العقد فإن حائز السيارة يكون مسئولاً عن سلامة الراكب منذ صعوده السيارة وحتى نزوله منها سالما ، لأن إلتزام  الناقل للركاب إلتزام بتحقيق نتيجة وليس ببذل عناية، وتطبيقاً لذلك اذا توقفت السيارة فجأة في المكان الذي يقصده الراكب فسقط الراكب إلى الأرض اثناء نزوله من السيارة، فيكون حائز السيارة مسئولاً عن الإصابات التي تحدث للراكب حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 9-12-2007م في الطعن رقم (30322)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((والدائرة بعد الرجوع إلى الأوراق تجد ان الطاعن قد عاب على الحكم الاستئنافي أنه قضى بتحميله مسؤولية الحادث الذي اصيب الراكب بسببه، مع ان الحادث كان قد وقع بعد توقف الباص ووصول الراكب إلى وجهته، والدائرة تجد ان هذا النعي مردود عليه بشهادة الشهود الذي شهدوا ان الباص كان قد توقف فجأة عند وصوله وان الراكب سقط  على الأرض بسبب إيقاف السائق للباص فجأة، ولذلك فإن السائق هو المسؤول عن وقوع الحادث، ومن ثم فإن الشركة التي يعمل لديها السائق مسئولة  عن فعله مسؤولية المتبوع عن اعمال تابعيه وفقاً للمواد (304 ، 312 و 313) مدني)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ماهو مبين في الأوجه الأتية: 
الوجه الأول: صلة الدائرة التجارية بالحادث المروري في هذه القضية : 
قد يستغرب بعض القراء الكرام من صلة الدائرة التجارية بالمحكمة العليا بالحادث المروري الذي تناوله الحكم محل تعليقنا، لان الحادث المروري يعد فعلاً جنائياً يختص بنظره القضاء الجزائي وتتم المطالبة بالتعويض عن الضرر الناجم عن الحادث المروري عن طريق الدعوى المدنية التبعية التي يرفعها أمام القضاء الجزائي المضرور تبعاً للدعوى الجزائية العامة، لان القاضي الجزائي يكون اجدر بالفصل في الدعوى المدنية الناجمة عن الفعل الجنائي الذي ينظره، فالقاضي الجزائي  تتوفر لديه كافة البيانات والمعلومات اللازمة للفصل في الدعوى المدنية التبعية، كما ان المطالبة بالتعويض عن طريق الدعوى المدنية التبعية يوفر الجهد والوقت والمال، ويحقق مبدأ الإقتصاد في إجراءات التقاضي، ومع هذه المبررات الوجيهة إلا أن قانون الإجراءات الجزائية اليمني قد اجاز للمضرور من الجريمة عامة ان يلجأ إلى القضاء المدني مباشرة عن طريق الإدعاء المباشر للمطالبة بالتعويض المستحق له نتيجة الجريمة، ومن ذلك الحادث المروري، ومع هذا التبرير المقنع لم تظهر صلة القضاء التجاري والدائرة التجارية بالمسؤولية المدنية الناجمة عن الحادث المروري، وكي تظهر هذه الصلة نقول : ان هذه الصلة تتأسس على المادة (10) من القانون التجاري التي نصت على أنه: (تعد اعمالاً تجارية الأعمال المتعلقة بالأمور الآتية بقطع النظر عن صفة القائم بها أو نيته: -11- النقل براً وبحراً وجواً) إضافة إلى أن القانون التجاري قد نظم عقد نقل الأشخاص ضمن العقود المسماة في القانون التجاري. وعلى هذا الأساس يجوز للمضرور من الحادث المروري ان يلجأ مباشرة أمام القضاء التجاري إذا كان قد دفع اجرة نقله فيجوز له ان يلجأ إلى القضاء التجاري عن طريق الإدعاء المباشر للمطالبة بتعويضه عن الأضرار التي لحقت به بسبب الحادث المروري مثلما فعل المضرور في القضية التي تناولها الحكم محل تعليقنا، وفي هذا الشأن فقد نصت المادة: (142) تجاري على ان تسري أحكام عقد النقل على جميع انواع النقل البري ايا كانت صفة الناقل أو الراكب أو المرسل، في حين نصت المادة: (143) تجاري على أن أحكام عقد النقل لا تنطبق على النقل بالمجان.
الوجه الثاني: مسئولية حائز السيارة عما يحدث للراكب: 
نصت المادة (145) تجاري على ان عقد النقل بين الحائز للسيارة والراكب ينعقد بصعود الراكب إلى السيارة، ففي هذه اللحظة تبدأ مسئولية حائز السيارة، ومنذ هذه اللحظة يلتزم حائز السيارة بالمحافظة على سلامة الراكب حتى وصوله الجهة المتفق عليها، وفي هذا المعنى نصت المادة (148) تجاري على ( -1- يضمن الناقل سلامة الراكب اثناء تنفيذ عقد النقل -2- يشمل تنفيذ عقد النقل الفترة الواقعة بين شروع الراكب في الصعود إلى واسطة النقل في مكان القيام ونزوله منها في مكان الوصول، ولا يمتد الضمان إلى فترات تجول الراكب في الخلاء اثناء التوقف للإستراحة) وتصرح المادة (150) تجاري على مسئولية حائز السيارة عما يلحق بالراكب من ضرر اثناء تنفيذه عقد النقل حيث نصت هذه المادة على ان: (-1- يسأل الناقل عما يلحق بالراكب اثناء تنفيذ عقد النقل من ضرر في النفس أو الصحة أو أي ضرر مادي أو أذى آخر ناجم عن النقل)، وعند تطبيق هذه النصوص نجد أن حائز السيارة في القضية التي تناولها الحكم محل تعليقنا مسؤول عن الإصابة التي لحقت بالراكب بسبب سقوطه من الباص نتيجة التوقف المفاجئ للباص ، لان سقوط الراكب إلى الأرض وإصابته بإنزلاق غضروفي كان بسبب التوقف المفاجئ للباص من قبل السائق، فلم يسقط الراكب  بسبب تعثره عند خروجه من الباص حسبما ورد في دفاع الشركة التي يتبعها سائق الباص،  وعلى هذا الأساس فحائز السيارة مسئول عن إتخاذ التدابير والإجراءات الآمنة والسليمة لنزول الركاب والحيلولة دون نزولهم قبل التوقف التام للسيارة، وكذا السائق ملزم بالتوقف التام عند نزول الركاب، والله اعلم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق