الأحد، 3 ديسمبر 2023

جريمة انتهاك حرمة المسكن

جريمة انتهاك حرمة المسكن
<b></b>
جريمة انتهاك حرمة المسكن في القانون اليمني 


جريمة انتهاك حرمة المسكن

هل تعد من جرائم الشكوى في التشريع اليمني؟
د. عمر يحيى كُزابــه
ذكر المشرع اليمني وهو بصدد حصر جرائم الشكوى وتعدادها في الفقرة الرابعة من المادة (27) أ.ج " انتهاك حرمة ملك الغير" فهل يقصد بــهذا المسمى جريمة" انتهاك حرمة المسكن المذكورة بالمادة (253 ) عقوبات كإحدى الجرائم الماسة بالحرية الشخصية باعتبارها المصلحة المحمية جنائيا، من ثم تُعد جريمة انتهاك حرمة المسكن جريمة شكوى؟
أم أنه كان  يقصد بــقوله: "انتهاك حرمة ملك الغير" هو الاعتداء على حرمة ملك الغير( مسمى الفصل الرابع والأخير من قانون الجرائم والعقوبات) الذي يضم جرائم الإضرار بمال الغير وغيرها المذكورة في المواد (321) عقوبات وما بعدها، ومن ثم لا تعد جريمة انتهاك حرمة المسكن من جرائم الشكوى كما يرى جانب من الفقه اليمني؟ أم أن الأخيرة تدخل في قول المشرع: إتلاف الأموال الخاصة المنصوص عليها ضمن جرائم الشكوى؟
ولمحاولة الاجابة عن التساؤل المثار يتعين البدء باستظهار مدلول الانتهاك لمعرفة مراد المشرع بقوله: انتهاك حرمة ملك الغير، وبدايةً يمكن القول: إن فعل الانتهاك يفترض أن المكان الذي يقع عليه فعل المنتهِك له حرمةٌ وحصانةٌ وقدسيةٌ فتم امتهانها، فيقال انتهك حرمة منزله: تعدى عليها وخرقها بما لا يسمح به القانون، وانتهك الشيء أذهب حرمته، وانتهك الحُرُمات اود المحرَّمات تناولها بما لا يحل، وانتهك حرمة المسجد دنسَّها ولم يحترمها، وانتهك مسكن متَّهمٍ استباح دخوله دون وجه حقٍ، فالانتهاك لا يقع إلا على محلٍ أو شيءٍ له حرمةٌ بأن منع القانون دخوله أو الاطلاع على محتواه كقول المشرع: "للمساكن ودور العبادة ودور العلم حرمةٌ فلا يجوز مراقبتها أو تفتيشها...." في المادة  (12) أ.ج، وكجريمة انتهاك حرمة المسكن المذكورة في المادة (253) عقوبات، وكجريمة انتهاك حرمة المراسلات المذكورة في المادة (255) عقوبات، وكجريمة الاعتداء على حرمة الحياة الخاصة المذكورة في المادة (256) عقوبات، وكجريمة المساس بحرمة الزواج المذكورة في المادة (276) عقوبات، وكجريمة الاعتداء على حرمة الموتى المذكورة في المادة (262) عقوبات التي جاء في الفقرة الثانية منها ما نصه: " من انتهك أو دنس حرمة القبور...".
ومما تقدم فإن معنى الانتهاك هو: المساس بحرمة المكان وحصانته فقط كالدخول فيه أو الاطلاع عليه دون إذنٍ ممن يملكه، دون أن يمتد إلى المساس بسلامة بنيانه كتخريبه أو إتلافه أو هدمه، فهذه الأفعال الأخيرة لها وصفٌ قانونيٌ آخر غير الانتهاك وجرمتها نصوصٌ عقابية أخرى.
الرأي وأسانيده:
▪️إن جريمة انتهاك حرمة ملك الغير الواردة في الفقرة الرابعة من المادة ( 27) أ.ج ضمن جرائم الشكوى تنصرف باعتقادي إلى جريمة انتهاك حرمة المسكن الواردة في المادة (253) عقوبات وسند ذلك:

▪️أن المشرع في المادة في (27) أ.ج كان بصدد تعداد جرائم الشكوى وحصرها بمسمياتها الذاتية، كون نطاق جرائم الشكوى محصور؛ لأن قيد الشكوى ورد على سبيل الاستثناء، فأراد المشرع بيان حدوده بذكر أفراده حتى لا يُقاس عليها، فمما يلاحظ أنه ذكر جرائم الشكوى فرادى ولم يشير إليها كفصولٍ أو مجموعاتٍ، علاوةً على أنه لا وجود لجريمة في قانون الجرائم والعقوبات اليمني بمسمى" انتهاك حرمة ملك الغير"،

 فما ورد به هو الاعتداء على حرمة ملك الغير كعنوان لفصلٍ بكامله وليس مسمى لجريمة بذاتها، فالجرائم الواردة تحت هذا العنوان هي: جريمة الاضرار بالمال، وجريمة الإخلال بالثقة في بيع العقارات والتصرف الضار بالمرتهن، وجريمة نقل وإزالة الحدود.
مما يؤكد أن المشرع لم يقصد بقوله: انتهاك حرمة ملك الغير  أنها جرائم الاعتداء على حرمة ملك الغير أن هذه الجرائم كالإضرار المال الواردة في (321) عقوبات تندرج في قول المشرع: إتلاف الأموال الخاصة المذكورة في الفقرة الرابعة ذاتها بقول المشرع فيها: "في جرائم التخريب والتعييب وإتلاف الأموال الخاصة...وانتهاك حرمة ملك الغير..."، فلو كان المقصود بانتهاك حرمة ملك الغير الاعتداء على حرمة ملك الغير والاضرار بالمال لكان قوله التخريب واتلاف الأموال الخاصة تزيدا لا فائدة منه.
▪️أن المسكن يعد ملكاً للغير بمعناه الواسع، ويباح دخوله برضا صاحبه، أي لا تنشأ جريمة إذا أذن صاحب المسكن أو أجاز الدخول إليه عقب علمه بذلك، وأعتقد أن جريمة انتهاك حرمة المسكن تعد من الجرائم الخاصة (المتعلقة بالحقوق الشخصية) التي تقررت الحماية الجنائية فيها صيانة للحق الخاص في السرية ،  وأعتقد أيضا أن لرغبة صاحب المسكن دور واضح في تحريك الدعوى الجزائية أو العفو عمن اقتحم عليه مسكنه، لأن الضرر يتعلق به أكثر من الضرر بالحق العام، وهذه هي  السمة الغالبة  في جرائم الشكوى، والعلة في اعتبارها جرائم شكوى

▪️أن المشرع قد ذكر: "جريمة انتهاك حرمة ملك الغير"

 باعتبارها جريمة شكوى فإن افترضنا أن المقصود بها جريمة الاعتداء على حرمة ملك الغير كجريمة الإضرار بالمال المقررة بنص المادة (٣٢١) عقوبات فحسب، وهذه الأخيرة تخص من خرَّب أو هدَّم أو أعدم أو أتلف عقارا أو منقولا مملوك للغير أو جعله غير صالح للاستعمال أو أضر به أو عطله بأي كيفية، وهدم المسكن الخاص المملوك للغير  أو تخريبه قد يندرج ضمن حكمها، كما أن الهدم والتخريب لمسكن الغير يعدان إتلافاً لمالٍ خاصٍ وهما بهذا الوصف يعتبران جريمة شكوى كما ورد في مبتدأ الفقرة الرابعة بقولها: "إتلاف الأموال الخاصة" أليس كذلك؟ فهل من المنطق أن يكون هدم المسكن الخاص المملوك للغير  أو تخريبه أو إعدامه أو تعطيله جريمة شكوى بينما مجرد  انتهاك حرمته والدخول فيه خلافا لإرادة صاحبة دون المساس ببيانه ليست جريمة شكوى مع أن الضرر في الأولى أشد من الأخرى ؟

▪️ختاماً: هذه وجهة نظر تحتمل الخطأ والصواب، أتمنى إثراءها بالمناقشة والنقد أن كان له وجهٌ، وأسال الله الكريم أن أكون وفقت فيها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الكاتب القانوني عادل الكردسي
 للاستشارات القانونية والاستفسارات 
في مسائل قانونية جنائية ومدنية مسائل في القانون اليمني 777543350 واتس اب
 770479679 واتس آب
 رابط موقعنا على الواتس آب  رابط موقعنا على الفيس بوك

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق