الجمعة، 30 ديسمبر 2022

المطالبة بالأرش أمام القضاء المدني اليمني

المطالبة بالأرش بغير الطريق الجنائي أ.د/ عبد المؤمن شجاع الدين الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء يصرح قانون الجرائم والعقوبات ان الأرش عقوبة، ولا شك ان هذه العقوبة لها طبيعة خاصة حيث انها تدفع إلى المصاب وليس إلى الخزينة العامة وان هذه العقوبة لا يتم الحكم بها الا بموجب تحقيق تجريه النيابة العامة تخلص فيه الى قرار اتهام، ووضعية عقوبة الأرش تثير إشكاليات عدة منها المطالبة بالأرش أمام غير القاضي الجزائي، وقد اشار إلى هذه المسألة الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 19/2/2013م في الطعن رقم (46817)، الذي قضى في أسبابه انه: ((بعودة الدائرة إلى أوراق القضية فقد وجدت ان الطاعن قد نعى على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون، وعند التأمل في أسباب الحكم المطعون فيه وأسباب الطعن فقد وجدت الدائرة ان الحكم المطعون فيه قد جانب الصواب حينما قام بتكييف المطالبة بالأرش بأنها جنائية وان النيابة هي المختصة برفع الدعوى الجزائية، فهذا القول تعليل فاسد، لأنه من المعلوم قانوناً ان المطالبة بالأرش أو الحكم به طابعه مدني باعتباره تعويضاً للمصاب، ومن ثم فما أستند إليه الحكم المطعون فيه ليس له أساس قانوني يقوم عليه، فالحق العام لم يكن محل تحكيم ولم يفصل فيه المحكمان الأمر الذي يستوجب معه الجزم بقبول الطعن بالنقض موضوعاً)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ما هو مبين في الأوجه الأتية: الوجه الأول: ماهية الأرش: الأرش هو عقوبة مقدرة عن الاصابات التي تلحق بالمصاب عمداً أو خطـًأ، حيث نصت المــادة(38) عقوبات على ان ( العقوبات الاصلية احدى عشرة وهي:ـ 1ـ الاعدام ( القتل) حدا او قصاصا او تعزيراً . 2ـ الرجم حتى الموت 3ـ القطع حدا 4ـ القصاص بما دون النفس 5ـ الجلد حدا 6ـ الحبس 7ـ الدية 8ـ الارش 9ـ الغرامة . 10ـ الصلب في الاحوال التي ينص عليها القانون . 11ـ العمل الالزامي ). كما نصت المــادة(70)على ان ( الدية والارش عقوبة بديلة عن القصاص في احوال سقوطه على النحو المبين في الفصل السابق وعقوبة اصلية في الاحوال التي ينص عليها القانون الشرعي فيما عدا ذلك) وخلاصة الحقول أن الارش عقوبة. الوجه الثاني: صاحب الحق في الأرش: لا ريب ان صاحب الحق في الأرش هو المجني عليه المصاب بالإصابة المقرر عنها الأرش، وفي هذا الشأن نصت المادة (24) اجراءات على انه (يعتبر المجني عليه أو المدعي بالحق الشخصي أو المدعي بالحق المدني خصما منضما للنيابة العامة في الدعوى الجزائية ومدعيا في الدعوى المدنية المرتبطة بها. إذا كانت له طلبات ما) هذا إذا أختار المجني عليه طريق القضاء الجنائي حيث ينبغي على المجني عليه المستحق للأرش في هذه الحالة أن ينظم إلى النيابة وان يطلب من المحكمة الحكم له بالأرش الشرعي باعتبار الارش عقوبة. فالأصل ان المطالبة بالأرش تكون من صاحب الحق بالأرش وهو المصاب، الذي ينبغي عليه أن ينظم إلى النيابة أمام القضاء الجنائي على أساس ان الأرش عقوبة مقررة على جريمة وقعت على المصاب، وهذه الجريمة تحتاج إلى تحقيق تقوم به السُلطة المختصة بذلك وهي النيابة العامة، حيث يهدف التحقيق إلى التحقق من صحة الواقعة والإصابة ونسبتها إلى المتهم ومن ثم تحريك للدعوى الجزائية امام القاضي الجزائي والمطالبة بتوقيع العقوبة المقررة شرعا ومن ضمنها الارش الشرعي ،ومقتضى ذلك أن المجني عليه المستحق للأرش لا يستطيع رفع دعواه امام القضاء المدني لأن الأرش عقوبة . الوجه الثالث: مدى جواز التحكيم في الارش: اشار الحكم محل تعليقنا إلى جواز التحكيم في الأرش باعتبار ذلك وإن كان حقا خاصا بالمصاب الا انه يجوز لصاحب الارش أن يتنازل عنه او يعفو، وتبعاً لذلك يجوز التحكيم بالأرش ويجوز الحكم بالأرش من قبل المحكم، لان قانون التحكيم قد اجاز التحكيم فيما يجوز الصلح فيه، فالأرش يجوز الصلح فيه حسبما ورد في المادة (5) تحكيم التي نصت على انه (لا يجوز التحكيم فيما يأتي: -أ- الحدود واللعان وفسخ عقود النكاح. ب- رد القضاة ومخاصمتهم. ج- المنازعات المتعلقة بإجراءات التنفيذ جبراً. د- سائر المسائل التي لا يجوز فيها الصلح. ه- كل ما يتعلق بالنظام العام.)،والله اعلم. https://t.me/AbdmomenShjaaAldeen

الفسخ للكراهية في القانون

}); تحري سبب الكراهية في دعوى الفسخ أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء صرحت المادة (54) أحوال شخصية بأنه يجب على القاضي ان يتحرى سبب الكراهية عندما تتقدم المرأة بدعوى الفسخ للكراهية، وقد أشار الحكم محل تعليقنا إلى هذه المسألة المهمة حسبما ورد في أسباب الحكم الصادر عن الدائرة الشخصية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 7-10-2017م في الطعن رقم (60233)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((أما من حيث الموضوع فقد ناقشت الدائرة أوراق القضية فوجدت ان الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه انه لم يناقش السبب الثالث من أسباب الاستئناف، وان الحكم قد خالف المادة (288) مرافعات وان الحكم قد خالف الشريعة الإسلامية ونص المادة (54) أحوال شخصية وذلك لعدم التحري عن سبب الكراهية – وبعد إطلاع الدائرة على أوراق القضية وبعد التأمل فيما ورد في حيثيات الحكم الاستئنافي فقد وجدته الدائرة موافقاً من حيث النتيجة لأحكام الشرع والقانون، وذلك لما أوضحه وعلل به وأستند إليه، ولا جدوى فيما اثاره الطاعن من أسباب طعنه لخلوها من أسباب الطعن أمام المحكمة العليا وفقاً للمادة (292) مرافعات)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ماهو مبين في الأوجه الأتية: الوجه الأول: تحري القاضي سبب الكراهية في المادة (54) أحوال شخصية: أوجبت المادة (54) أحوال شخصية أوجبت على القاضي ان يتحرى سبب كراهية الزوجة طالبة الفسخ لزوجها الذي دفعها لطلب فسخ زواجها من زوجها، حيث نصت المادة (54) أحوال شخصية على أنه: (إذا طلبت المرأة الحكم بالفسخ للكراهية وجب على القاضي ان يتحرى السبب فإذا ثبت له عين حكماً من أهل الزوج وحكماً من أهلها للإصلاح بينهما، وإلا أمر الزوج بالطلاق فإن امتنع حكم بالفسخ وعليها ان ترجع المهر)، ومن خلال إستقراء هذا النص نجد أنه صرح بوجوب تحري القاضي عن سبب كراهية الزوجة لزوجها، إلا أن هذا النص عام ومجمل لم يبين ماهية التحري ووسائله وكيفيته ووقته وإجراءاته وجزاء عدم قيام القاضي بالتحري، ولذلك سوف نعرض هذه المسائل في الأوجه الأتية بشيء من التفصيل. الوجه الثاني: ماهية تحري القاضي عن سبب كراهية الزوجة لزوجها ووسائل التحري والهدف من التحري: مصطلح التحري أكثر عمقاً واوسع نطاقاً من التحقق أو التحقيق، لان التحقق يتناول الاشياء الظاهرة والموجودة، أما مصطلح التحري فيتناول أيضا الاشياء غير الظاهرة التي تحتاج إلى بحث وسؤال عنها لاستظهارها، ولذلك اختار القانون هذا المصطلح عن وعي وإدراك، لان القاضي يتحرى عن سبب الكراهية الذي يكون في الغالب خفياً وليس ظاهراً، ولذلك فإن القاضي يتوسل بوسائل عدة للتحري عن سبب الكراهية والبحث عنه عن طريق سؤال الزوجين واقاربهما وكذا عن طريق المواجهة بين الزوجين أو طلب افادات شفهية أو خطية ، والقاضي في التحري ليس مقيداً بمبدأ المواجهة، فلا يجب على القاضي ان يباشر إجراءات التحري في جلسات علنية أو بحضور الزوجين أو محامياهما، وان كان يجب على القاضي ان يثبت في أوراق القضية وفيأسباب الحكم أنه قد قام بهذا الواجب القانوني الذي صرح القانون انه واجب على القاضي لامناص منه، وهدف التحري هو وقوف القاضي على سبب كراهية الزوجة طالبة الفسخ لزوجها للتاكد مما اذا الخلاف بين الزوجين قابل للإصلاح بينهما قبل أن يشرع القاضي في إجراءات دعوى الفسخ، فقد يجد القاضي ان سبب الكراهية قابل للعلاج من غير حاجة إلى فسخ، ففي حالات كثيرة يجد القاضي ان سبب الكراهية سوء فهم وتفاهم وسوء تقدير لبعض المسائل الزوجية أو العائلية وان الزوجين يتاجا إلى إصلاح بينما ونصح وإرشاد وليس فسخا، وعلى هذا الأساس فالتحري لا يكون الغرض منه جمع معلومات كي يستند إليها القاضي في حكمه، لان ذلك محظور عن القاضي وإنما الغرض منها هو معرفة سبب الكراهية حتى يقف القاضي بداية على إمكانية إصلاح الزوجين عن طريق المعالجة الجذرية للسبب أو الأسباب التي ولدت الكراهية في نفس الزوجة لزوجها، لأنه في الغالب يكون هناك سبباً قد دفع الزوجة إلى طلب الفسخ للكراهية فقد يكون السبب تافها أو لايرجع إلى الزوج وإنما لأمه واخته كما قد يكون السبب مخلا بالحياة الزوجية كمواظبة الزوج على ضرب الزوجة أو شتمها أو اهانتها أو هجرها أو عدم الإنفاق عليها وغير ذلك، مع أنه في بعض الحالات تكره المرأة زوجها من غير سبب، لان الحب والبغض والكراهية من إسرار الله في خلقه. الوجه الثالث: وجوب تحري القاضي عن سبب كراهية الزوجة طالبة الفسخ لزوجها وجزاء عدم التحري : هذا الوجوب ظاهر من صيغة المادة (54) أحوال شخصية التي نصت على أنه : (إذا طلبت المرأة الحكم بالفسخ للكراهية وجب على القاضي ان يتحرى سبب الكراهية)، فتحري القاضي عن سبب الكراهية مقرر في النص على سبيل الوجوب ، فلا مناص من قيام القاضي بالتحري ، ويترتب على هذا الوجوب واجب اخر وهو انه يجب القاضي إثبات قيامه بهذا الواجب على طريق الإشارة إلى ذلك في أسباب حكمه وفي أوراق القضية حتى يكون لما ورد في التسبيب أصل في الأوراق، ويكون جزاء عدم تحري القاضي عن سبب الكراهية وهو بطلان الحكم لان النص الذي قرر تحري القاضي عن سبب الكراهية قد جاء بصيغة الوجوب. الوجه الرابع: وقت تحري القاضي عن سبب الكراهية وفوائد التحري : من خلال سياق نص المادة (54) أحوال شخصية يظهر ان التحري يتم بعد تقديم الزوجة دعوى الفسخ للكراهية وقبل مباشرة إجراءات دعوى الفسخ كبعث الحكمين ومابعد ذلك،لان نتيجة التحري قد تسفر إلى عدم وجاهة السبب وأنه بوسع القاضي معالجة الخلاف بين الزوجين من غير الخوض في إجراءات دعوى الفسخ، لان القانون رجح ان وقوف القاضي على سبب الكراهية بداية يمكن القاضي من إصلاح شان الزوجين عن طريق معالجة سبب الكراهية باعتبارها أساس الخلاف بين الزوجين، كما أن وقوف القاضي منذ بداية القضية على سبب الكراهية يمكن القاضي من الإدارة الجيدة للدعوى ومعالجتها المعالجة المناسبة سواء عن طريق حسمها بإصلاح شأن الزوجين من قبل القاضي من غير الخوض في الإجراءات الأخرى كبعث الحكمين للإصلاح بين الزوجين ، ولذلك فإن إصلاح الزوجين بنظر القاضي في هذه المرحلة يحدث كثيراً، كما أن تحري القاضي مفيد حتى إذا تعذر على القاضي إصلاح شأن الزوجين حيث ان هذا التحري يمكن القاضي من إتخاذ التدابير المناسبة في المرحلة التالية للتحري حيث يقوم القاضي الذي سبق له التحري يقوم بتوجيه الحكمين حتى تفلح مهمتهما إذا تعذر على القاضي الإصلاح بين الزوجين( الوجيز في أحكام الأسرة، أ.د.عبدالمؤمن شجاع الدين ، ص95 ). الوجه الخامس: تأثير تحري القاضي عن سبب كراهية الزوجة لزوجها تأثير ذلك على قناعة القاضي في الحكم: سبق القول ان المادة (54) أحوال شخصية قد اناطت بالقاضي بشخصه التحري عن سبب الكراهية، ولا ريب ان لذلك فوائد حسبما سبق بيانه، غير أن قيام القاضي بالتحري المسبق عن سبب الكراهية يولد في قناعة القاضي توجهات وافكار مسبقة في القضية تؤثر على قناعته في الحكم في الدعوى إذا لم تفلح محاولات الإصلاح بين الزوجين سواء من قبله أو من قبل الحكمين، فعندما يحكم القاضي في دعوى الفسخ يكون متأثراً بالمعلومات والبيانات التي وقف عليها شخصيا اثناء تحريه عن سبب الكراهية، ولذلك فإن هناك انتقادات واسعة لاسناد مهمة التحري عن سبب الكراهية للقاضي، حيث ينبغي أن يترك هذا الأمر للحكمين من اهل الزوج والزوجة(فسخ الزواج، ا.. عبدالمؤمن شجاع الدين، ص132)،والله اعلم

الجمعة، 23 ديسمبر 2022

آثار العفو عن القصاص في القانون اليمني

آثار العفو عن القصاص في القانون اليمني أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء عفو اولياء الدم عن القصاص يقتصر اثره على إسقاط القصاص فقط، فلايتعدى أثر العفو الى الحق العام الذي لايسقط بالعفو، حيث تتم معاقبة القاتل بالعقوبة التعزيرية المقررة قانونا في الحق العام، كما ان إجراءات العفو لها إجراءاتها التي تختلف بإختلاف درجة التقاضي حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة الجزائية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 12/5/2018م في الطعن رقم (3595)، الذي ورد في أسبابه انه ((وبإطلاع الدائرة على المرفقات ومنها صورة تنازل وعفو من قبل ورثة القتيل عن دم مؤرثهم وقد كان هذا العفو عن القاتل عفواً مطلقاً لوجه الله تعالى بشرط مغادرته نهائياً عزلة ... في مديرية ...، وقد تم التوقيع على التنازل من قبل الورثة كما تم توثيقه من قبل قلم التوثيق في محكمة...، ،وحيث ان الحال كما سبق ذكره ولكون إثبات التنازل المرفقة صورته يستلزم إثباته لدى المحكمة التي اصدرت الحكم الابتدائي وتقرير صحته وتقرير عقوبة بديلة إعمالا للمادة (235) عقوبات وحيث أن ذلك مناط بالمحكمة المختصة، لذلك تقرر الدائرة إعادة ملف القضية مع صورة التنازل إلى مكتب النائب العام لإحالة التنازل إلى المحكمة المختصة للفصل في ذلك بحكم وفق للشرع والقانون)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ماهو مبين في الأوجه الأتية: الوجه الأول: السند القانوني للحكم محل تعليقنا: أستند الحكم محل تعليقنا إلى المادة (235) عقوبات التي نصت على انه (إذا عفى ولي الدم مطلقاً أو مجانا أو بشرط الدية جاز للمحكمة تعزير الجاني بالحبس مدة لا تزيد على خمس سنوات ويجوز ان تصل العقوبة إلى الإعدام في هذه الحالة: إذا توفر مع القتل احد الظروف الواردة في الفقرة الثالثة من المادة السابقة) فهذه المادة تصرح بان اثر العفو عن القصاص قاصر على حق اولياء الدم في القصاص، وعلى ذلك يظل الحق العام في معاقبة القاتل الذي عفى عنه أولياء الدم، لان جريمة القتل تجتمع فيها ثلاثة حقوق؛ حق العبد في القصاص وهو الغالب على غيره من الحقوق الثلاثة، وهناك حق ثان وهو حق المجتمع في تعزير القاتل الذي يشكل خطراً على المجتمع، وهناك حق ثالث وهو حق الله تبارك وتعالى وهو الكفارة عند بعض الفقهاء الذين اوجبوا الكفارة في القتل العمد من باب اولى قياساً على الكفارة في القتل الخطأ، وصفوة القول: ان عفو اولياء الدم يسقط القصاص ولكنه لايسقط العقوبة التعزيرية المقررة في الحق العام، ولذلك لاحظنا ان الحكم محل تعليقنا قد ارشد محكمة أول درجة الى التأكد من صحة التنازل أو العفو عن القصاص والحكم بالعقوبة التعزيرية بمقتضى المادة (236) عقوبات وهي المادة التي استند إليها الحكم. الوجه الثاني: حجية صورة وثيقة العفو عن القصاص: قضى الحكم محل تعليقنا بإعادة ملف القضية إلى المحكمة الابتدائية التي اصدرت الحكم الابتدائي وذلك للتأكد من اصل وثيقة العفو (التنازل عن القصاص) لان اصل الوثيقة لم يكن معروضا على المحكمة العليا ولذلك لم تفصل المحكمة في التنازل أو تقبله، لأن قانون الاثبات ينص على ان الحجية لأصول الوثائق ، ولذلك فقد قضت المحكمة العليا بإعادة القضية إلى المحكمة الابتدائية لاستدعاء الاطراف والوقوف على أصل الوثيقة للتأكد من صحة وسلامة الوثيقة، فلو كان أصل الوثيقة موجودا أمام المحكمة العليا لقضت بالعمل بموجب التنازل اوالعفو وإسقاط القصاص بموجب ذلك وإحالة القضية إلى المحكمة الابتدائية لتقرير العقوبة التعزيرية اللازمة في الحق العام. الوجه الثالث: مغادرة القاتل لمكان إقامة اسرة القتيل كمقابل للعفو: من خلال مطالعة الحكم محل تعليقنا نجد ان اولياء الدم قد عفو عن القاتل من غير مقابل إلا أنهم اشترطوا مغادرة القاتل المعفو عنه للعزلة التي يقيم فيها اولياء دم المجني عليه، وهذا الشرط موافق للشرع والقانون، لان وجود القاتل أمام أعين أولياء الدم يثير حفيظتهم ويستفزهم مما قد يدفعهم إلى قتله، ولذلك يشترط اغلب الأشخاص في اليمن مغادرة القاتل المعفو عنه المكان الذي يقيم فيه أولياء الدم. الوجه الرابع: إجراءات العفو عن القصاص أو التنازل: تختلف إجراءات العفو عن القصاص بإختلاف درجة التقاضي، فإذا كانت القضية لازالت منظورة أمام محكمة الموضوع فان الافضل ان يتم حضور اولياء الدم أمام المحكمة في جلسة المحاكمة وإثبات عفوهم أو تنازلهم في محضر الجلسة كما انه من الممكن ان يتم تحرير وثيقة العفو خارج المحكمة وتقديمها في جلسة المحاكمة، إما العفو أمام المحكمة العليا بإعتبارها محكمة قانون فلا يتم إلا عن طريقة وثيقة اصلية صريحة تفيد التنازل أو العفو على ان يتم توثيقها لدى المحكمة المختصة، كما انه من الجائز أمام محكمة الموضوع ان يتم إثبات العفو عن القصاص عن طريق وسائل الإثبات الأخرى كشهادات الشهود الذين يحضروا أمام المحكمة للأدلاء بشهاداتهم بان اولياء الدم قد عفو أو صفحوا أو تنازلوا فوق قبر المجني عليه أو عند قدوم أهل القاتل إلى اولياء الدم لمراضاتهم وطلب العفو وهذا يحدث في اليمن كثير،والله اعلم.